للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

[المقدمة الثانية]

٧١ - ذَا العِلْمِ ذُو أَدِلَّةٍ كُلِّيَّة … عَادِيَّةٍ سَمْعِيَّةٍ عَقْلِيَّة

٧٢ - فَمَا أَتَى دَلِيلًا أَوْ مُقَدَّمَة … فِيهِ فَبِالقَطْعِ تَكُونُ مُعْلِمَة

قلت: وهذا كلام فيه إجحاف وقلة إنصاف، فإن من ذهب إلى أن القطع شرط في ثبوت الأصول بين أن ذلك إما أن يكون من جهة العلم - كما في المقطوع بثبوته ودلالته - وإما ان يكون مقطوعا به من جهة العمل به، ثم التفاصيل والجزئيات الظنية إذا ذكرت بعد ذلك فإنها تذكر تبعا لهذا الذي قطع به من العمل. وكون ذلك يقطع بأنه يعمل به يتوقف على هذا الذي نقله القرافي عن الأبياري، وهو ما دأب إمام الحرمين على إيراده وذكره في كتابه "البرهان" في المواطن التي يقتضي حالها إيراده فيها.

" المقدمة الثانية"

في أن الأدلة المستعملة في إثبات الأصول وبناء قواعدها الجزئية لا تكون إلا قطعية. وفي ذلك يقول: "ذا" أي هذا "العلم" يعني علم الأصول علم لا يعتمد على الأدلة الظنية ولا الأدلة الجزئية، ولذلك فإنه في محتواه وأسسه "ذو "صاحب "أدل" جمع دليلٌ - وهو ما يمكن بصحيح النظر فيه التوصل إلى مطلوب خبري - ووصفه بالصاحب هو كقولك: بئر ذو ماء عذب، ورجل ذو علوم عقلية تريد ان ذلك من ماهيته وحقيقته - "كلية" تنطوي تحتها كل الجزئيات الصالحة للانطواء تحتها من غير حصر، وهي إما "عقلية" كالراجعة إلى أحكام العقل الثلاثة: الوجوب والجواز والاستحالة.

ومن المقرر أن كل مسألة أصولية لا تبحث إلا إذا علم أصلها من جهة الحكم، لأن ما لا تقبله العقول السليمة لا يقبل شرعا.

وإما "عادية" وهي كذلك تعتريها الأحوال الثلاثة فتنقسم إلى واجبة، وممكنة ومستحيلة بحكم ومقتضى اطراد العادات. وإما "سمعية" كنصوص الكتاب والسنة.

وبناء على ذلك "فما اتى" وسيق "دليلا" وحجة "أو مقدمة" من دليل "فيه" أي في هذا العلم والقصد من الإتيان به وإيراده هو الاستدلال على بناء حكم في مسألة أصولية "فـ" أن تلك المقدمة "بالقطع" ثبوتا ودلالة "تكون معلمة"موصوفة وموسومة، ومقتضى ذلك أن الأدلة الظنية لا يعتمد عليها في مجاري الحجاج والاستدلال على بناء الأحكام

<<  <  ج: ص:  >  >>