للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٠٦٣ - مِنْ جِهَةِ الإِرْثِ الذِي قَدْ صُحِّحَا … لَهُمْ وَبِالنَّصِّ الذِي قَدْ وَضَحَا

٢٠٦٤ - وَإِذْ بَدَا تَعَيُّنُ الْبَيانِ … فَيَنْبَنِي عَلَيْهِ أَمْرٌ ثَانِ

" المسألة الثالثة"

أحدهما ما يؤخذ "من جهة" دليل "الإرث" للنّبي - عليه الصّلاة والسّلام - الثابت لهم، و"الذي قد صححا" - الألف للإطلاق - شرعا "لهم" فالعلماء ورثة الأنبياء، وهو معنى صحيح ثابت ويلزم من كونه وارثا قيامه مقام موروثه في البيان، وإذا كان البيان فرضا على الموروث لزم أن يكون فرضا على الوارث أيضا، ولا فرق في البيان بين ما هو مشكل أو مجمل من الأدلّة، وبين أصول الأدلّة في الإتيان بها، فأصل التبليغ بيان لحكم الشريعة، وبيان المبلغ مثله بعد التبليغ (١).

"و" ثانيهما ما تقرر "بالنّصّ" الوارد في ذلك و"الذي قد وضحا" اقتضاؤه له على جزم وقطع. قال سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى} [البقرة: ١٥٩] الآية. وقال - جلّت قدرته -: {وَلَا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [البقرة: ٤٢] وقال - تعالى -: {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ} [البقرة: ١٤٠] والآيات في هذا المعنى كثيرة. وفي الحديث "ألا ليبلّغ الشاهد منكم الغائب" وقال - صلّى الله عليه وسلّم -: "لا حسد إلّا في اثنتين: رجل آتاه الله مالا فسلّطه على هلكته في الحقّ، ورجل آتاه الحكمة فهو يقضي بها ويعلّمها" وقال: "من أشراط الساعة أن يرفع العلم ويظهر الجهل" والأحاديث في هذا كثيرة، ولا خلاف في وجوب البيان على العلماء، والبيان يشمل البيان الإبتدائي للنّصوص الواردة والتكاليف المتوجهة، فثبت أن العالم يلزمه البيان من حيث هو عالم (١).

"وإذ" قد تقرّر و"بدا" أي ظهر من هذه الأدلّة السّابقة وما شابهها "تعيُّن" ووجوب "البيان" على أهل العلم به "فـ" إنّه "ينبني عليه" أي على هذا الوجوب والتعيّن "أمر ثان" آخر "وهو "ما تعقد له المسألة الموالية وهي:

"المسألة الثالثة"

المعقودة في ذكر أنّ العالم يبيّن بالفعل أيضا.


(١) انظر الموافقات ٢٦٠ - ٢٦١.

<<  <  ج: ص:  >  >>