"ثم" بعد ما نجز ما تقدم ذكره ننتقل إلى ما ذكر متضمن ما عقدت له هذه المسألة وهو أن اقتضاء الأدلة الأحكام وإفادتها إياها بالنسبة لمحالها على وجهين:
أحدهما: الاقتضاء الأصلي قبل طروِّ العوارض.
ثانيهما: الاقتضاء التبعي. وبيان ذلك هو أن "اقتضا الدليل حكما قصدا" - الألف للإطلاق - وقوله "قصدا" زائد لصحة الاستغناء عنه. والمعنى حكما قصد أخذه منه أي من الدليل - من جهة الآخذ، أو قصد من جهة الشارع اقتضاء الدليل له ظهر "بحسب المحل" الذي يجري عليه ذلك الحكم "نوعين" و"بدا" كذلك، كما يدل عليه واقع الحال.
"فـ"ـأ ما الأول "منهما" فهو الاقتضاء "الأصلي وهو "الاقتضاء "الواقع على المحل" مجردا، أي "قبل" طُرُوِّ "ما يتابع" ذلك المحل من الأحوال ومعنى كونها تابعة له أنها تعرض فيه باعتبار أحوال المكلفين. "وذاك" الاقتضاء الأصلي هو "مثل الحكم بالإباحة للصيدو" الحكم بالإباحة لـ"ـلبيع" والإجارة وما أشبه ذلك "بما" من الأدلة الشرعية "أباحه" وأحله باعتبار ماهيته المجردة من أي طارئ يصرف الحكم إلى اعتباره له في ذلك المحل.
"و" أما الثاني فهو الاقتضاء "التبعي" وهو "الآتي" منزلا "في المواقع" - أي مواقع الكلام ومحالها "معتبَرا" - بفتح الباء - ومعتدا "في" بناء "الحكم" أي الذي اقتضاه "بـ" اعتبار "التوابع وبالإضافات" اللاحقة بتلك المواقع والمحال، وذلك "كحكم الصيد" الموصوف "في كراهة" - في بمعنى الباء - أي بكراهة الشارع له "إن كان لـ" أجل "اللهو "واللعب "اصطفى" إتيانه وفعله أي اختير وقصد، ومثله الحكم بإباحة النكاح