للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الثامنة"

٢٣٠٤ - وَإِنْ يُوَافِقْ فِعْلُهُ مَا قَدْ أُقِرْ … فَهْوَ صَحِيحٌ فِي التَّأَسِّي مُعْتَبَرْ

٢٣٠٣ - إِذْ نَفْسُ الإِقْرَارِ بِحَيْثُ مَا صَدَرْ … لَا يَقْتَضِي الْجَوَازَ مِنْ غَيْرِ نَظَرْ

" المسألة الثامنة"

"و" هي في بيان أنه "إن يوافق فعله" - عليه الصلاة والسلام - "ما" من الأفعال أو الأقوال "قد أقر"هـ "فـ" إن ذلك الإقرار "هو" دليل و"صحيح في" شأن "التأسي" وبرهان "معتبر" في ذلك وصاف، لا كدر فيه، ولا شوب، ولا انحطاط عن أعلى ما يتمسك به في شأن التأسي، لأن فعله - عليه الصلاة والسلام - واقع موقع الصواب، فإذا وافقه إقراره لغيره على مثل ذلك الفعل، فإن التأسي به في ذلك كمجرد الاقتداء به في الفعل فالإقرار دليل زائد مثبت. فيكون الإقرار المقبول المعمول به على الوجه الصحيح هو هذا الذي معه الفعل النبوي "إذ نفس الإقرار" وحده لا يدل على جريان الاقتداء ومضيه فيما ورد فيه "بحيث ما صدر" ووقع سواء كان فعلا أو قولا، كما أنه "لا يقتضي" أو يستوجب "الجواز" لإتيان ما ورد فيه "من غير نظر" وبحث، لأنه - أي الإقرار - وإن اقتضى الصحة فالترك كالمعارض له، وإن لم تتحقق فيه المعارضة فقد رمى فيه شوب التوقف لتوقفه عليه الصلاة والسلام عن الفعل. ومثاله إعراضه عن سماع اللهو وإن كان مباحا وبعده عن التلهي به وإن لم يحرج في استعماله وقد كانوا يتحدثون بأشياء من أمور الجاهلية بحضرته وربما تبسم عند ذلك ولم يكن يذكر هو من ذلك إلا ما دعت إليه حاجة أو ما لا بد منه ولما جاءته المرأة تسأله عن مسألة من طهارة الحيضة قال لها خذي فرصة ممسكة فتطهري بها فقالت وكيف أتطهر بها فأعاد عليها واستحيى حتى غطى وجهه ففهمت عائشة ما أراد ففهمتها بما هو أصرح وأشرح فأقر عائشة على الشرح الأبلغ وسكت هو عنه حياء فمثل هذا مراعى إذا لم يتعين بيان ذلك فإنه من باب الجائز أما إذا تعين فلا يمكن إلا الإفهام كيف كان فإنه محل مقطع الحقوق والأمثلة كثيرة. والحاصل أن نفس الإقرار لا يدل على مطلق الجواز من غير نظر بل فيه ما يكون كذلك نحو الإقرار على المطلوبات والمباحات الصرفة ومنه ما لا يكون كذلك كالأمثلة. فإن قارنه قول فالأمر فيه كما تقدم فينظر إلى الفعل فيقضى بمطلق الصحة فيه مع المطابقة دون المخالفة. والله - تعالى أعلم -، وأحكم (١).


(١) الموفقات ٤/ ٥٣ - ٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>