بالمعروف والنهي عن المنكر والمراتب الثلاث في هذا الوجه مذكورة شواهدها في مواضعها من الكتب المصنفة فيه" (١).
"المسألة الثالثة"
في بيان أن موافقة أحوال المفتي "و" عمله "مقتضى العلم" الشرعي، وينتفع بها، ومفاده هو ما "به تصح الفتيا" منه وتقبل، وينتفع بها، ويجرى أمرها في الخلق، و"لا" تصح منه ولا تقبل ولا ينتفع بها في الغالب "مع خلافه" له، وَأمر مقرر بالنظر والشرع مستند "لأمر يتضح" اقتضاءه هذا الحكم، وذاك الأمر هو ما ينتهي إعمال الذهن والنظر في هذا الشأن وما يصل إليه من الاعتقاد التابث "بعدم الوثوق" في "أن ما" جاء عن هذا المفتي من الأقوال والأفعال وما "ظهر منه" من ذلك قد جرى "على" وفق "ما يقتضيه "الشرع" من أحكام وعلى وفق ما "صدر" عنه أي عن الشارع من ذلك، فأما فتيا هذا المفتي بالقول فإذا جرت أقواله على غير المشروع فإنما يفتى به من جملة أقواله، وبذلك يمكن جريانه على غير المشروع فلا يوثق به (وأما أفعاله فإذا جرت على خلاف أفعال أهل الدين والعلم لم يصح الاقتداء بها ولا جعلها أسوة في جملة أعمال السلف الصالح وكذلك إقراره، لأنه من جملة أفعاله. وأيضا فإن كل واحد من هذه الوجوه الثلاثة عائد على صاحبيه بالتأثير فإن المخالف بجوارحه يدل على مخالفته في قوله، والمخالف بقوله يدل على مخالفته بجوارحه لأن الجميع يستمد من أمر واحد قلبي. هذا بيان عدم صحة الفتيا منه على الجملة. وأما على التفصيل فإن المفتي إذا أمر مثلا بالصمت عما لا يعني فإن كان صامتا عما لا يعنى ففتواه صادقة، وإن كان من الخائضين فيما لا يعنى فهي غير صادقة. وإذا دلك على الزهد في الدنيا وهو زاهد فيها صدقت فتياه، وإن كان راغبا في الدنيا فهي كاذبة. وإن دلك على المحافظة على الصلاة وكان محافظا عليها صدقت فتياه، وإلا فلا. وعلى هذا