للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الثالثة"

مجراها. ومثله حد الغنى بالنصاب، وتوجيه الأحكام بالبينات، وإعمال أخبار الآحاد والقياسات الظنية إلى غير ذلك من الأمور التي قد تتخلف مقتضياتها في نفس الأمر، ولكنه قليل بالنسبة إلى عدم التخلف فاعتبرت هذه القواعد كلية عادية لا حقيقية. وعلى هذا الترتيب تجد سائر الفوائد التكليفية.

وإذا ثبت ذلك ظهر أن لا بد من إجراء العمومات الشرعية على مقتضى الأحكام العادية من حيث هي منضبطة بالمظنات، إلا إذا ظهر معارض فيعمل على ما يقتضيه الحكم فيه، كما إذا عللنا القصر بالمشقة، فلا ينتقض بالملك المترف ولا بالصناعة الشاقة. وكما لو علل الربا في الطعام بالكيل فلا ينتقض بما لا يتأتى كيله لقلة أو غيرها، كالتافه من البر. وكذلك إذا عللناه في النقدين بالثمنية لا ينتقض بما لا يكون ثمنا لقلته، أو عللناه في الطعام بالاقتيات، فلا ينتقض بما ليس فيه اقتيات، كالحبة الواحدة. وكذلك إذا اعترضت علة القوت بما يقتات في النادر، كاللوز والجوز والقثاء والبقول وشبهها، بل الاقتيات إنما اعتبر الشارع منه ما كان معتادا مقيما للصلب على الدوام وعلى العموم، ولا يلزم اعتباره في جميع الأقطار وكذلك نقول أن الحد علق في الخمر على نفس التناول حفظا على العقل، ثم إنه أجرى الحد في القليل الذي لا يذهب العقل مجرى الكثير، اعتبارا للعادة في تناول الكثير. وعلق حد الزنى على الإيلاج وإن كان المقصود حفظ الأنساب، فيحد من لم ينزل لأن العادة الغالبة مع الإيلاج الإنزال. وكثير من هذا (١).

فليكن على بال من النظر في المسائل الشرعية أن القواعد العامة إنما تنزل على العموم العادي (٢).

"المسألة الثالثة"

في أن صيغ العموم ينظر فيها باعتبارين:

أحدهما: اعتبار ما يدل عليه الصيغة في أصل وضعها على الإطلاق.

ثانيهما: اعتبار المقاصد الاستعمالية التي تقضي العوائد بالقصد إليها، وإن كان أصل الوضع على خلاف ذلك.


(١) الموافقات ٣/ ١٩٩.
(٢) الموافقات ٣/ ٢٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>