للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٩٤٣ - فذَاكَ رَاجِعٌ لِمَا يُلَازِمُ … كَمِثْلِ لَا تَمُتْ وَأَنْتَ ظَالِمُ

" الْمَسْألةُ الثَّانِيَةُ"

٩٤٤ - وَالْوَصْفُ لِلإنْسَانِ إِنْ يَكُنْ طُبِعْ … عَلَيْهِ لَمْ يُطْلَبْ بِهِ أَنْ يَرْتَفِعْ

٩٤٣ - لِكَوْنِهِ مِنْ غَيْرِ الاكْتِسَابِ … كَشَهْوَةِ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ

" فذاك" لا يدل على أن الشارع قد قصد التكليف بما لا يطاق وإنما هو في حقيقة الأمر "راجع لـ" لتكليف بـ "ما يلازم" ذلك الأمر المكلف به وهو ما يلازمه وقد يكون من السوابق عليه، أو من اللواحق له، أو من القرائن المصاحبة له.

وذلك "كمثل لا تمت وأنت ظالم" وكقوله تعالى: {فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} [البَقَرَة: ١٣٢] وما كان نحو ذلك. قال الشاطبي في هذا الشأن ليس المطلوب منه - أي المكلف - إلا ما يدخل تحت القدرة وهو الإسلام، وترك الظلم، والكف عن القتل والتسليم لأمر الله. وكذا سائر ما كان من هذا القبيل. ومنه ما جاء في حديث أبي طلحة حيث ترّس - على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد، وكان عليه الصلاة والسلام يتطلع ليرى القوم، فيقول له أبو طلحة: لا تشرف يا رسول الله لا يصيبوك فقوله: لا يصيبوك من هذا القبيل (١).

خلاصة القول أن ورود التكليف بما لا يطاق يصار في شأنه إلى التكليف بما يمكن منه من الأسباب، أي يصرف ما صاحبه أو تقدم عليه أو تأخر عنه من الأمور المقدورة للمكلف.

"المسألة الثانية"

في أنه إذا ثبت هذا - وهو أنه لا تكليف شرعي بما لا يطاق - "و" تقرر حكمه فـ "الوصف" الثابت "للإنسان إن يكن طبع عليه" وذلك بأن يكون مما قامت عليه بنيته الطبيعية بحيث لا يمكن له الانفكاك عنه فإنه "لم" بمعنى لا، أي لا "يطلب به" من جهة الشرع "أن يرتفع" ويزول بحيث يتجرد منه، وإنما كان حكمه كذلك "لكونه" مضطرا إليه، فهو يرد من "غير" جهة "الاكتساب" له والتسبب فيه وإنما يأتي من جهة الجبلة والطبيعة التي فطر عليها، فهو لا يستطيع التخلص منه بحال فالجملة، وذلك "كشهوة الطعام والشراب"


(١) الموافقات ج ٢/ ص ٨٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>