المسألة الرابعة في أن وضع الأسباب يستلزم قصد الواضع - الشارع - إلى المسببات. قال الناظم:"والقصد" الحاصل "في الشرع لوضع السبب يستلزم" بالضرورة العقلية والشرعية "القصد إلى" تحصيل وإدراك "للمسبب" الناشيء عنها، وذلك "لـ" أدلة تقضي بذلك، منها "أن الأسباب بحيث" يعني في أي موضع "شرعت" أسبابا إنما شرعت "لأجل ما ينشأ عنها" من مسبباتها، ولذلك "وضعت" فهي لم تكن موضوعة لنفسها من حيث هي أسباب، بل لما ذكر "فقصدها" يعني فقصد وضعها "قصد" بالضرورة "لما عنها" من المسببات "يرى" أي يعلم أو يبصر "ناشئا" ومترتبا "أو" قصد لما "بأصلها" يعني في التي جعلت هي فيه أسبابا ومقصوده به على ما يظهر الحكم - "مستثمرا" يعني مأخوذا من الثمرات التي هي درء المفاسد وجلب المصالح، وذلك لأن الأحكام الشرعية إنما شرعت لجلب المصالح أو درء المفاسد، وهي مسبباتها قطعا "وليس بين ما مضى" ذكره في المسألة الثانية وهو أن الأسباب غير مقصودة للشارع من جهة الأمر "تناقض وبين هذا" الذي ذكر هنا "لا، ولا" بينهما "تعارض" لأن القصدين: القصد في المسألة الثانية والقصد في هذه المسألة متباينان. "فقصد ذا" أي هذا الذي ذكر في هذا المقام من الشارع "راجع لـ" قصد الشارع لـ "لوقوع" والحدوث لما ينشأ عن تلك الأسباب من مسببات، "وذاك" القصد الذي ذكر هنالك راجع "للتكليف بـ" السبب "المشروع" والتكليف به لا يستلزم التكليف بمسببه كما مر بيانه، فبان بذلك أنه لا تعارض ولا تناقض بين حكمي القصدين لاختلاف موردهما.