" و" أما "الباعث" على اختيار ذلك البعض مذهب التأويل في هذا الشأن فإنه قد جاء من جهة ما اقتضاه نظره فيه وهو "استبعاده" وعدم قبوله "أن صدرا" - الألف للإطلاق - يعني أن يصدر عن الشارع - أي يأتي منه - "تخاطب" يعني خطابًا للخلق وهو "يعزب" يغيب ويخفي إدراكه "عن فهم الورا" أي الخلق، فلا يعلم معناه أحد منهم.
وهذا كله مردود بما تقدم بيانه، فكان الصواب في هذا الشأن هو ما عليه السلف الصالح. كما مضى تقريره.
"المسألة السادسة"
فيما تتوقف عليه صحة التأويل.
وبيان ذلك أنه "إن أعمل التأويل في" الدليل "المشتبه" اعْتُبِرَ و "روعي حتما" أي وجوبا "في" المعنى الذي هو "مؤول به" ما به يكون ذلك التأويل صحيحا، وهو ثلاثة أمور: أحدها أن "رجوعه" أي المؤول به "بعد" حصول التأويل به "لمعنى" مقبول "جار" على السبيل الصحيح "و" لـ "مقتضى صحيح الاعتبار" في مجاري النظر، ويعرف ذلك كله بسياق الكلام ودلالة المقام وما تمهد في الشريعة من القواعد والأصول.
والأمر الثاني الذي يزاد "مع" هذا هو "كونه" أي المعنى المأول به "متفقا في الجملة عليه" وإن كان مختلفا فيه تفصيلا "بين المقتفين" أي المتبعين "سبله" - بضم السين وسكون الباء جمع سبيل - وذلك مثل حمل المطلق على المقيد فإنه يصير إليه أهل العلم وإن اختلفوا في تفاصيل ذلك، والشروط المعتبرة في صحته، وبيان ذلك في كتب أصول الفقه مبسوط.