للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الخامسة عشرة"

١٢١٩ - وَمَا مِنَ الْعَادَاتِ جَارٍ يُعْتَبَرْ … شَرْعًا ضَرُورَةٍ بِحَيْث مَا صَدَرْ

١٢٢٠ - أَمَّا الذِي قُرِّرَ بِالدَّلِيلِ … شَرْعًا فَظَاهِرٌ عَلَى التَّفْصِيلِ

١٢٢١ - وَغَيْر يَلْزَمُ فِيهِ مَا ذكِرْ … لِيَسْتَقِيمَ حُكْمُ مَا فِيهِ اعْتَبْر

" المسألة الخامسة عشرة"

في بيان أن العوائد الجارية ضرورية الاعتبار شرعا، كانت شرعية في أصلها أو غير شرعية. "و" هكذا فكل "ما" هو "من العادات جار" ماض أمره ومقتضاه في أحوال الناس وتصرفاتهم فإنه "يعتبر شرعا" على الوجه الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة "ضرورة" لتوقف انتظام أمور الدين والدنيا على ذلك الاعتبار "بحيث ما" أي في كل محل "صدر" يعني وقع ذلك الأمر العادي الجاري سواء ولمحع في الأمور العبادية أو غيرها.

سواء كان شرعيا أو غير شرعي أي سواء كان مقررا بالدليل الشرعي أمرا كان أو نهيا، أو إذنا أم لا. فكل ذلك يعتبر شرعا "أما" الشرعي وهو "الذي قرر" وثبت "بالدليل شرعا فـ" أمره "ظاهر" وقد تقدم بيان ذلك "على التفصيل" في المسألة السابقة.

"و" أما الأمر العادي "غيره" أي غير الشرعي فإنه "يلزم" ويجب "فيه ما ذكر" من الاعتبار الشرعي له، وذلك "لـ" أجل أن "يستقيم" أي يحصل ويجري على اطراد "حكم" ومقتضى "ما" قصد "فيه" و"اعتبر" شرعا. فالعادة جرت بأن الزجر سبب الانكفاف عن المخالفة كقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] فلو لم تعتبر العادة شرعا لم يتحتم القصاص ولم يشرع إذ قد يكون شرع لغير فائدة، وذلك مردود بقوله - تعالى -: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] وكذلك البذر سبب لنبات الزرع والنكاح سبب للنسل، والتجارة سبب لنماء المال عادة كقوله تعالى: {وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٧] {وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ} [الجمعة: ١٠] {لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ} [البقرة: ١٩٨] وما أشبه ذلك مما يدل على وقوع المسببات عن أسبابها دائما فلو لم تكن المسببات مقصودة للشارع في مشروعية الأسباب لكان خلافا للدليل القاطع فكان ما أدى إليه باطلا ووجه ثان وهو ما تقدم في مسألة العلم بالعاديات فإنه جار هاهنا ووجه ثالث وهو أنه لما قطعنا بأن الشارع جاء باعتبار المصالح لزم القطع

<<  <  ج: ص:  >  >>