فإن الله لن يمل حتى تملوا" وقال: "أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه وإن قل" وأمر بالقصد في العمل وأنه مبلغ، وقال: "إن الله يحب الرفق في الأمر كله" وكره العنف والتعمق والتكلف والتشديد خوفا من الانقطاع وقال: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ}[الحجرات: ٧] ورفع عنا الإصر الذي كان على الذين من قبلنا. فإذا كان الاقتداء بأرباب الأحوال آيلا إلى مثل هذا الحال لم يلق أن ينتصبوا منصب الاقتداء وهم كذلك، ولا أن يتخذهم غيرهم أئمة فيه اللهم إلا أن يكون صاحب حال مثلهم وغير مخوف عليه الانقطاع. فإذ ذاك يسوغ الاقتداء بهم على ما ذكر من التفصيل. وهذا المقام قد عرفه أهله، وظهر لهم برهانه على أتم وجوهه (١). هكذا شأن أفعاله وحكمها، "و" أما "ما به" أي فيه "استفتى" وسئل، فأجاب فيه بقوله، فإن ذلك لا يخلوا من حالين:
أحدهما: أن يستفتى في شيء "وهو حاله" فما كان على هذا الحال "كان" فيه "كمثل فعله مقاله" وفتواه، لأن نطقه في أحواله من جملة أعماله، والغالب فيه أنه يفتي بما يقتضيه حاله، لا بما يقتضيه حال السائل.
"و" الثاني الحال الذي يتجلى "حيث مما استفتى في سواه" أي سوى هذا الذي هو حاله، "فـ" هذا قد تقرر فيه "أنه سائغة" فيه "فتواه" والاقتداء بها لأنه إذ ذاك إنما يتكلم من أصل العلم لا من رأس الحال، إذ ليس مأخوذا فيه.
"المسألة السابعة"
في إن للمقلد - بفتح اللام - أوصافا ترشد إلى صحة أتباعه، واستفتائه وفي هذا الشأن "نذكر" بعضا من هذه الأوصاف التي قلنا أنها من "ما يشهد للمقلد" - بكسر اللام - العامي "بصحة الفتيا" التي يأخذها "من المقلد" - بفتح اللام - المتصف بهذه