منها، وما يقيّد به مطلقاتها. و"هذا" إنّما يصار إليه في بيان الصّحابة "إذا لم يلف" أي يوجد ما يقدح في حجّيته "من خلاف" منقول عنهم في ذلك، فإن نقل عن أحد منهم خلاف في ذلك فإن النّظر "والاجتهاد" في المسألة "عنده" أي يعني عند حصول هذا الخلاف هو الذي "يوافي" أي يأتي، فيكون هو المصير إليه حينئذ، عوضا عمّا نقل عن الصّحابة في ذلك من رأي. "كذاك" لا يؤخذ بذلك الذي نقل عن الصّحابة من رأي في "ما" أي في الذي "يكون" من المواضع موضع اجتهاد، وبذلك فهو "لا يفتقر" أي يحتاج "لذينك الأمرين" المذكورين، وإنّما يبحث "فيه" و"ينظر" في شأنه لبيان الحكم الفقهيّ بسبيل الإجتهاد، والنّظر الفقهيّ - كما تقدّم ذكره -، لأنّ الصّحابة ومن سواهم في ذلك سواء، وذلك كمسألة العول، والوضوء من النّوم وكثير من مسائل الرّبا التي قال فيها عمر بن الخطاب: مات رسول الله صلّى الله عليه وسلّم - ولم يبيّن لنا آية الرّبا، فدعوا الرّبا والرّيبة، أو كما قال. ومن أهل العلم من يأخذ بقول الصّحابي ورأيه، في مثل هذه المسائل، ومنهم من ليس كذلك، وإنّما يأخذ في ذلك بالنّظر والإجتهاد، "و" بذلك فإن هذا المحلّ "هو محلّ الخلف" كذلك بيّن العلماء على الوجه المذكور، وهو مبني على الخلف الجاري "في" صحّة "التّقليد لهم" أي الصّحابة واتّخاذ رأيهم دليلا شرعيّا، وليس هذا الخلف فيما تقدّم أنّ بيانهم فيه حجّة "ولكن" هذا - الخلف - إنّما يحصل "مع ذا التّقييد" المذكور وهو كون المحلّ محلّ اجتهاد، ونظر، وقع الخلف بينهم - أي الصّحابة -.
"المسألة الثانية عشرة"
في أنّ الإجمال في الشّريعة إمّا أنّه متعلّق بما لا ينبني عليه تكليف، وإمّا أنّه غير وارد فيها. "و" في بيان ذاك يقال: "إن الإجمال" وهو انبهام المعنى "لـ" شيء "غير واقع" وروده "في"نصوص هذا "الشّرع" العظيم. وهذا أمر قد ثبت تقريره "بالنّصوص" الشّرعيّة الواردة "في مواضع" والتي دلّت على ذلك، ومنها قوله - تعالى -: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ