ثانيهما: الشيخ العلامة قاضي الجماعة بغرناطة أبو بكر محمد بن محمد بن عاصم الغرناطي الأندلسي فقد نظمه كما قيل أول الأمر في ستة آلاف بيت تام من البحر الكامل، ثم اختصره - أي هذا النظم - في ثلاثة آلاف بيت تام.
وقد سمي هذا النظم - المنظومة - "نيل المنى من الموافقات" كما ذكر ذلك في خطبته. وهذا هو الذي شرحه أمامك - أيها القارئ الكريم.
[صحة نسبة هذه المنظومة لابن عاصم]
شك بعض الناس في كون صاحب هذه المنظومة هو ابن عاصم، وذلك لأن كاتب هذه المنظومة. كتبها بوادي آشى وابن عاصم ليس له مقاما هناك - على ما ذكر -، لاحتمال أن يكون صاحبها هو الناظم الآخر المدعى الذي ذكر أنه من أصحاب الشاطبي - أيضا - إلا أن هذا الشك تدحضه أمور:
أحدهما: ورود أبيات متشابهة في الألفاظ والتركيب إلى درجة التوحد في بعضها في هذه المنظومة، وفي منظومة أخرى له - لابن عاصم - في الأصول وهي "مرتقى الوصول إلى علم الأصول". ومن تلك الأبيات قوله في "المرتقى":
كالأكل في الحياة والحياة … في العلم والوضوء في الصلاة
وقوله في "نيل المنى":
عادية كالأكل في الحياة … شرعية كالحول في الصلاة
وقوله في "المرتقى": (ص ٧٢)
وأطلق الثاني على رفع الحرج … وما أبيح رخصة فيه اندرج
وقوله في "نيل المنى": (ص ١٩)
وآخر المعنى به رفع الحرج … وسبب الرخصة في هذا اندرج
وقوله في "المرتقى": (ص ١١٥)
وغير محدود كهذا يطلب … وما له في ذمة ترتب
وقوله في "نيل المنى": (ص ١١)
وغير ما قد حد فهو يطلب … وما له في ذمة ترتب