[تقويم الأدلة النظرية والنصية المعتمد عليها في هذا الكتاب]
من المنطوق به أن ما أودعه رحمه الله تعالى في كتابه هذا من أثمار نظره مختلفة مراتبه متفاوتة درجاته من جهة صحته وقوته الحجية، وذلك أمر مدرك بأدنى تأمل في هذه الأثمار وبدهي أن كل استنتاج ذهني تعرف قوته الحجية ودرجة صحته وضعفه بحال حجية ودلالة ما بني عليه من دليل وبرهان.
وأغلب ما يأتي به - رحمه الله تعالى - من جنى نظره وغلته واضح المأخذ صحيح البرهان، وصور كلامه وطرق احتجاجه في مجاري بنائه للأحكام التي يوردها، وفي سبل استدلاله للمخالف، والموافق يدلك على ذلك، بل يلزمك بالإقرار به، فقد كان يسلك مسلك الجدل في إيراده وإصداره، متكئا في ذلك على القواعد المنطقية في الغالب وسيلة إلى درك تبليغ ما قصد تبليغه مقررا في النفوس، مظهرا أنه لا رأي إلا ما كان عن برهان ودليل، ولذلك مضى على سنن الاستدلال وجلب البراهين على كل رأي أو قول أورده في هذا الكتاب، ويبلغ في ذلك الذروة بإيراده الاعتراضات والمناقشات في مجاري الاستدلال وإقامة البرهان على الرأي الذي قوله فيه، سواء كان رأيه أو رأي من يخالفه في ذلك، وكل ذلك بإنصاف تام وصبر لأغوار ما فيه البحث والنظر مع جلالة علمية وقدرة فكرية عظيمة، تذهب بك ذات اليمين وذات الشمال بل ترنحك في كل جهات ما فيه النظر من موضوع، وتشغلك بكل محتمل ذهني أو غيره يرد فيه، فتتخطى بذلك ما كان معهودا في بحث ذلك الموضوع في كتب أخرى، وتظفر بفوائد واتساع في النظر ما كنت عليه من قبل اطلاعك على ما رقمه في ذلك - رحمه الله تعالى -.
إلا أن في بعض مما يستدل به - على نذوره - ضعف يوجب سقوطه وعدم اعتباره في مجاري بناء الأحكام الفقهية، بله الأصولية.
ومن ذلك أحاديث ضعيفة، فقد أورد في مسلك الاستدلال حديث "أئمتكم شفعاؤكم" وهو حديث ضعيف كما قال أهل الحديث، وحديث "احذروا الشهوة الخفية العالم يحب أن يجلس إليه" وقد أورده بلفظ غير هذا، وهو حديث ضعيف على كل حال. وحديث "الجهاد واجب عليكم مع كل أمير، برا كان أو فاجرا،