للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وإن عمل الكبائر" وهو حديث عد من الموضوعات.

ومن ذلك - أيضا - استدلاله بقصص وحكايات صوفية في مجرى بنائه لبعض الأحكام النظرية وغيرها، ولا يخفى أن هذه الحكايات والقصص ما هي إلا تصرفات بشرية تقدم بالأدلة الشرعية ويحكم عليها بمقتضاها، ولا يصح أن تساق مساق الاستدلال بها، وإن كان ذلك على سبيل الاستئناس بها في هذا المساق، فتأمل.

ومن ذلك - كذلك - استدلاله بحديث "نحن أمة أمية" على وجوب قصر معاني القرآن على ما يوافق صفة الأمية، بحيث لا يتخطى فيها ذلك، ولا يخفى ما في هذا من الحجر على العقول في مجرى الاستفادة من القرآن الكريم، الذي على قطع وجزم يعلم أن المخاطبين به أنواع وأصناف معارفهم وأفهامهم متفاوتة مختلفة المراتب والأحوال، وهذا يوجب أن يكون لكل من هذا الكتاب ما به صلاحه، وما يكفيه من المعارف والعلوم، وما يكون موافقا لحاله {كُلًّا نُمِدُّ هَؤُلَاءِ وَهَؤُلَاءِ مِنْ عَطَاءِ رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاءُ رَبِّكَ مَحْظُورًا (٢٠)} [الإسراء: ٢٠] وهذا الحديث لا ينتهض حجة على هذا الذي ادعاه من ذلك لأن أقصى ما يدل عليه هو وصف هذه الأمة بهذا الوصف الذي لازمه عدم الكتابة والحساب في ذلك الزمان، وهي وإن كانت كذلك فإنها تأخذ من هذا الكتاب ما في وسعها من علم ومعرفة، وأما الادعاء بأن الحديث يقتضي هذا الحجر، فإنه أمر فيه تخطى حدود معاني ألفاظه ومدلولاتها.

ومنه - أيضا - استدلاله بالترك من السلف الصالح للعمل ببعض معاني الألفاظ المطلقات في الكتاب والسنة، وهو ما يبنى عليه منع قراءة القرآن بالإدارة، وما أشبه ذلك.

ومن المعلوم أن الحقيقة الشرعية لا تثبت إلا بالأدلة الكافية في ذلك، وإن أعوز ذلك فإنه يصار إلى المعنى اللغوي في ذلك، ويعمل فيه بالإطلاق في الهيئات والأحوال وكل ما ينطوي تحت اللفظ المطلق، وعلى كل فالمسألة محل نظر، وبحث، ومدار القول فيه على ثبوت الحقيقة الشرعية بذلك وحده وحصولها بذلك وحده منحصرة به أم لا، وبذلك فلا بد من إعمال المطلق على

<<  <  ج: ص:  >  >>