"و" بيان ذلك أنّ "كلّ عذر" مزيل و"مسقط للإثم" عن المكلّف "ليس" في واقع الأمر "مخصِّصا" - بكسر الصّاد - "عموم" وشمول "الحكم" الأصليّ - أي العزيمة - على الإطلاق "وذاك" العذر هو "كالإكراه" - بكسر الهمزة - وهو الإضطرار إلى الفعل بالتّخويف مع الاقتدار والاختيار "والنّسيان" وهو الذّهول عن الشّيء "والخطإ اللّاحق" الحاصل "للإنسان" وهو الإتيان بالشّيء على غير وجهه من غير قصد إليه "و" أمّا "الحكم فيها" أي هذه الأعذار كلّها هي والرّخص فإنّه حكم "واحد" وهو عدم المؤاخذة ورفع الحرج فيها فقط، أمّا مقتضى العزائم فإنّه لم يرفع في مواطنها لا بالتّخصيص ولا بغيره، بل هو مستمرّ فيها كما هو متقرّر بالواقع. هذا وإذ قد تقرّر أنّ ذلك كلّه واحد "فلنكتف" على سبيل التمثيل المساق للبيان "بـ" الحديث عن "خطإ الحاكم" القاضي أو الأمير في حكمه "و" بالحديث عن خطإ الشّخص "المكلّف" في فعله، أمّا خطأ الحاكم فإنّه متصوّر في "كـ" حاكم "مانع الحقّ لـ" شخص "ذي استيجاب" أو استحقاق له وقاض به لغيره، وكان ذلك عن خطإ، وذلك كأن يسلّم المال إلى غير أهله والزّوجة إلى غير زوجها، أو أدّب من لم يستحقّ تأديبا وترك من كان مستحقّا له، أو قتل نفسا بريئة، أمّا الخطأ في الدّليل أو الشّهود وما أشبه ذلك هذه صورة الحاكم المخطئ. "و" أمّا المكلّف المخطئ فإنّه مثل "شارب" الشّيء "المسكر" بدلا "عن" إلى "جُلاب" - بضمّ الجّيم - وهو ماء الورد الذي ظنّ ذلك الشّراب إيّاه، ومثله آكل مال اليتيم أو غيره يظنّه متاع نفسه، وقاتل المسلم يظنّه كافرا، وواطئ الأجنبية يظنّها زوجته أو أمته، وما أشبه ذلك. فإذا صدر ذلك الضّرب الذي تقدّم ذكره من الحكم عن الحاكم أو هذا الضّرب من الفعل عن المكلّف