وكل ما كانت مشقته من هذا الوجه "فذاك" ملغى "للشارع غير معتبر" أمره وذلك "في" كل "ما يشق أمره" أي فعله "على البشر" لأن مخالفة الهوى ليست من المشقات المعتبرة للشارع في التكليف - كما تقدم ذكره - "إذ قصده" أي الشارع هو "الإخراج بالتكليف" للمكلفين "عن داعيات" ورغبات "النفس" مما هو هوى، وشطط في "التصريف" للأشياء فيما تقع عليه من صرف الشيء إذا أعمله في غير وجه، كأنه يصرفه من وجه إلى وجه، وهذا الأمر - وهو إخراج المكلف من دواعي الهوى - مقصد شرعي أساسي في وضع الشريعة، فلو كانت المشقة الناشئة عن السعي إلى درك هذا المقصد معتبرة في بناء الأحكام لكان ذلك نقضا لما وضعت الشريعة له وذلك باطل، فما أدى إليه فهو مثله.
"المسألة التاسعة"
في بيان أن المشقة تكون دنيوية، وأخروية، وأن اعتبار الأخروية أشد وأعظم في الشريعة. "ثم المشقات" المعتبرة شرعا "لـ" مشقات "دنيوية" وقد تقدم بيان المراد بها. "تقسمت" يعني انقسمت "بعد" أي بعد ثبوت اعتبار الشارع لما هو معتبر منها عنده "و" مشقات "أخروية" وهي تكون ناشئة عن الإخلال بالدين "فحيث أدى" وأفضى "عمل" يعني الدخول في عمل ما "لترك" وتعطيل "ما" أي أمر قد "أوجب" أي فرض شرعا "أو" أدى إلى "فعل الذي قد حرما" بفتح الحاء وضم الراء ويصح قراءته مبنيا للمفعول "فهو" أي ما ذكر من الترك والفعل "أشد" وأقوى "في اعتبار الشرع لشأنه" وأمره من المشقة الدنيوية "فاشتد" بناء على ذلك "حال المنع" الشرعي لهذه المشقة