في أنه إذا ثبت قاعدة كلية في الضروريات أو الحاجيات أو التحسينات فلا يرفعها آحاد الجزيئات، كذلك نقول: إذا ثبت في الشريعة قاعدة كلية في هذه الثلاثة أو في آحادها، فلابد من المحافظة عليها بالنسبة إلى ما يقوم به الكلي، وتلك الجزئيات. فالجزيئات مقصودة معتبرة في إقامة الكلي أن لا يتخلف الكلي، فتتخلف مصلحته المقصودة بالتشريع.
قال الناظم "ثم إذا" تقرر أنه "تحفظ كلياته" أي كليات هذا الدين فإنه "واجب" كذلك "أن تحفظ جزئياته" لأن بها قيام ذلك الكلي، وبذلك "فإنها مقصودة" بالذات "للشارع" ولذلك وقع ورود العتب شرعا للتارك في الجملة من غير عذر، وذلك كترك الصلاة، أو الجماعة، أو الجمعة، أو الزكاة، أو الحج، أو مفارقة الجماعة لغير أمر مطلوب، أو مهروب منه - كان العتب وعيدا، أو غيره - كالوعيد بالعذاب، وإقامة الحدود في الواجبات، والتجريح في غير الواجبات، وما أشبه ذلك "مع كونها" أي هذه الجزيئات "موجودة في الواقع" الخارجي حقيقة بخلاف الكلي، لأنه من حيث هو كلي لا يصح القصد في التكليف إليه، لأنه راجع لأمر معقول، لا يحصل في الخارج إلا في ضمن الجزيئات، فتوجه القصد إليه من حيث التكليف به توجه إلى تكليف ما لا يطاق وذلك ممنوع الوقوع كما سيأتي إن شاء الله؛ فإذا كان لا يحصل إلا بحصول الجزئيات فالقصد الشرعي متوجه إلى الجزئيات.
وأيضا فإن المقصود بالكلي هنا أن تجري أمور الخلق على ترتيب ونظام واحد لا تفاوت فيه ولا اختلاف وإهمال القصد في الجزيئات يرجع إلى إهمال القصد في الكلي؛ فإنه مع الإهمال لا يجري كليا بالقصد، وقد فرضناه مقصودا.
هذا خلف، فلا بد من صحة القصد إلى حصول الجزئيات، وليس البعض في ذلك