للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الثانية عشرة"

١١٨٥ - ثُمَّ الشَّرِيعَةُ لِهَذْيِ الأُمَّةِ … فِي ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ قَدْ عَمَّتِ

١١٨٦ - لِأَنَّهَا عَلَى سِوَاهَا حَاكِمَةْ … فَحَالَةُ الْعُمُومِ فِيهَا لَازِمَةْ

الفائدة المذكورة في الحديث وكان يمكن أن يأمرهم وينهاهم من غير إخبار بذلك وهكذا سائر كراماته ومعجزاته فعمل أمته بمثل ذلك في هذا المكان أولى منه في الوجه الأول ولكنه مع ذلك في حكم الجواز لما تقدم من خوف العوارض كالعجب ونحوه والإخبار في حق النبي عليه الصلاة والسلام مسلّم ولا يخلو إخباره من فوائد ومنها تقوية إيمان كل من رأى ذلك أو سمع به هي فائدة لا تنقطع مع بقاء الدنيا (١). وعلى الجملة فالشرط المتقدم لا محيص من اعتباره في العمل بمقتضى الخوارق وهو المطلوب. ولما ذكرت هذه الأوجه الثلاثة لتكون مثلا يحتذي حذوه وينظر في هذا المجال إلى جهته (٢). ومن هنا يخلص إلى ذكر أصل آخر، وهو ما سيورد في المسألة الموالية وهي:

"المسألة الثانية عشرة"

في أنه قد تقرر أن الأحكام الشرعية عامة لا خاصة، كما تقدم بيانه، وعلى مقتضى ذلك بني ما تقدم ذكره من حكم استعمال الخوارق وإظهارها. "ثم" يعتضد هذا بإيراد الأصل الذي عقدت له هذه المسألة وهو أن أحكام "الشريعة" كما هي عامة "لـ" جميع أفراد "هذي" أي هذه "الأمة" فهي كذلك "في ظاهر" أحوالهم "وباطن" ها. فأحكام ذلك كله "قد عمتـ" ـه فإليها - أي الشريعة - يرد كل ما جاء من جهة الباطن، كما يرد إليها كل ما جاء من الظاهر "لأنها" أي هذه الشريعة "على" كل ما "سواها" من مصادر العلم والمعرفة ومدارك الأحكام "حاكمة" وقاضية "فحالة العموم" في أحكامها جارية و"لازمة" لا تنفك عنها. وبذلك فإن الخوارق لا يعتد بوقوعها إلا إذا كانت موافقة للشريعة. إن الشريعة - كما تقدم - حاكمة لا محكوم عليها، فلو كان يقع من الخوارق والأمور الغيبية حاكم عليها بتخصيص عموم، أو تقييد إطلاق، أو تأويل ظاهر أو ما أشبه ذلك، لكان غيرها حاكما عليها، وصارت هي محكوما عليها بغيرها. وذلك باطل باتفاق فكذلك ما يلزم عنه. ثم أن مخالفة الخوارق للشريعة دليل على بطلانها في نفسها، وذلك أنها قد تكون في ظواهرها كالكرامات وليست كذلك، بل أعمالا من أعمال الشيطان.


(١) انظر الأصل الموافقات ٢/ ٢٠٨.
(٢) انظر الأصل الموافقات ٢/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>