للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٨٣ - بَلْ فِي الْمُبَاحَاتِ مِنَ الْأُمُورِ … وَمَوْضِعِ التَّبْشِيرِ وَالتَّحْذِيرِ

" فَصْلٌ"

١١٨٤ - وَحَيْثُمَا السَّبَبُ يَقْتَضِيهِ … فَذَاكَ مِمَّا لَا امْتِرَاءَ فِيهِ

" بل" إنما يسوغ ذلك الظهار والاستعمال "في المباحات من الأمور" وذلك كأن يرى المكاشف أن فلانا يقصده في الوقت الفلاني أو يعرف ما قصد إليه في إتيانه من موافقة أو مخالفة أو يطلع على ما في قلبه من حديث أو اعتقاد حق أو باطل وما أشبه ذلك فيعمل على التهيئة له حسبما قصد إليه أو يتحفظ من مجيئه إن كان قصده الشر فهذا من الجائز له كما لو رأى رؤيا تقتضي ذلك لكن لا يعامله إلا بما هو مشروع كما تقدم.

"و" في "موضع التبشير" إيصال البشارة وتبليغها "والتحذير" أي التخويف والتهديد وذلك بأن يكون في هذا الإظهار والاستعمال تحذيرا وتبشيرا ليستعد لكل عدته فهذا أيضا جائز كالإخبار عن أمر ينزل إن لم يكن كذا أو لا يكون إن فعل كذا فيعمل على وفق ذلك على وزان الرؤيا الصالحة فله أن يجري بها مجرى الرؤيا كما روى عن أبي جعفر بن تركان قال كنت أجالس الفقراء ففتح علي بدينار فأردت أن أدفعه إليهم ثم قلت في نفسي لعلي أحتاج إليه فهاج بي وجع الضرس فقلعت سنا فوجعت الأخرى حتى قلعتها فهتف بي هاتف إن لم تدفع إليهم الدينار لا يبقى في فيك سن واحدة وعن الروذباري قال في استقصاء في أمر الطهارة فضاق صدري ليلة لكثرة ما صببت من الماء ولم يسكن قلبي فقلت يا رب عفوك فسمعت هاتفا يقول العفو في العلم فزال عني ذلك (١). وكذلك يسوغ "حيثما" يوجد "السبب" الذي "يقتضيه" أي يقتضي ما ذكر من الاستعمال والإظهار "فذاك" موضع "مما لا امتراء" أي لا شك "فيه" يعني في جواز هذا الحكم فيه. وذلك بأن يكون العمل عليها - أي هذه الخوارق - لفائدة يرجو نجاحها فإن العاقل لا يدخل على نفسه ما لعله يخاف عاقبته فقد يلحقه بسبب الالتفات إليها عجب أو غيره والكرامة كما أنها خصوصية كذلك هي فتنة واختبار لينظر كيف تعملون وقد تقدم ذكره فإذا عرضت حاجة أو كان لذلك سبب يقتضيه فلا بأس وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبر بالمغيبات للحاجة إلى ذلك، ومعلوم أنه عليه الصلاة والسلام لم يخبر بكل مغيب اطلع عليه بل كان ذلك في بعض الأوقات وعلى مقتضى الحاجات وقد أخبر عليه الصلاة والسلام المصلين خلفه أنه يراهم من وراء ظهره، لما لهم في ذلك من


(١) انظر الأصل الموافقات ٢/ ٢٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>