للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" فَصْلٌ"

٩٧٣ - ثُمَّ إِذَا يَثْبُتُ ذَا تَعَلَّقَا … كَذَاكَ بِالْأفْعَالِ أَيْضًا مُطْلَقَا

٩٧٤ - وَالثَّانِ هَلْ يَصِحُّ تَعْلِيقُ الْجَزَا … بِغَيْرِ مَقْدُورٍ إِذَا تَمَيَّزَا

٩٧٥ - أَوْ لَا يَصِحُّ ذَا مَجَالٌ لِلنَّظَرْ … وَالْقَوْلُ بِالتَّعْلِيقِ مِمَّا قَدْ ظَهَرْ

" فصل"

"ثم إذا يثبت ذا" أي هذا وهو ثبوت كون تلك الأوصاف قد تعلق بها الحب والبغض "تعلقا" ثابتا فإنهما "كذاك" يتعلقان "بالأفعال أيضا" كقوله تعالى -: {لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ} [النساء: ١٤٨] وقوله تعالى: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ} [التّوبَة: ٤٦] وقوله عليه الصلاة والسلام: "أبغض الحلال إلى الله الطلاق".

وكما يتعلقان - الحب والبغض الشرعيان - بالأفعال، كذلك يتعلقان بالذوات الموصوفة بما من الصفات يتعلقان به، ومن ذلك قوله تعالى: {وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عِمرَان: ١٣٤] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفَال: ٦٦]. وقوله عز وجل: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ} [البَقَرَة: ٢٢٢] وقوله تعالى: {وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ} [آل عِمرَان: ٥٧] وغير ذلك من الأدلة الواردة في هذا الشأن فإذا تقرر هذا علم أن ثبوت هذا التعلق كان "مطلقا" ثابتا في الذوات والصفات، والأفعال فتعلقهما أي البغض والحب الشرعيين بها تعلق بالماهية من حيث أنها ذات، أو صفة، أو فعل. هذا شأن بيان الملحظ الأول، وبيان حكمه. "و" أما الملحظ "الثان" وهو "هل يصح" شرعا "تعليق" يعني تعلق وتعبيره بالتعليق من باب ذكر اللازم وإرادة الملزوم - "الجزا" أي الثواب والعقاب. "بـ" أمر "غير مقدور" على دفعه ولا على جلبه "إذا تميزا" بذلك واتصف به "أو لا يصح" ذلك؟ "ذا" أي هذا المحل "مجال" أي محل جولان هاعمال "للنظر" الفقهي لوجود موجبه فيه وتقابل الاحتمالين فيه، وتعارضهما بمقتضى حاله في شأن حكمه.

والنظر فيه يتصور من أوجه ثلاثة أحدها: أن لا يتعلق به ثواب ولا عقاب. ثانيها: أن يتعلقا معًا به. ثالثها: أن يتعلق به أحدهما فقط. في الأصل - الموافقات إيراد كل واحد من هذه الأوجه وما سيق من الأدلة على نصرة كل واحد منها. فلينظر ذلك كله هناك (١). "والقول بالتعليق" أي بتعلقهما به هو "مما قد ظهر" رجحانه، لتعلق الحب والبغض


(١) الموافقات ٢ - ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>