قال بعضهم في هذا الحديث إنّ عمر رأى أنّ أعماله وأقواله نهج للسنّة، وأنّه موضع للقدوة، يعني فعمل هنا على مقتضى الأخذ عنه في ذلك، وصار ذلك أصلا في التّوسعة على النّاس في ترك تكلّف ثوب آخر للصّلاة، وفي تأخير الصّلاة لأجل غسل الثوب، وفي الحديث:"واعجبًا لك يا ابن العاص! لئن كنت تجد ثيابًا أفكلُّ النّاس يجد ثيابًا! والله لو فعلتها لكانت سنة" الحديث ولمكان هذا ونحوه اقتدى به عمر بن عبد العزيز حفيده ففي "العتبية" قيل لعمر بن عبد العزيز: أخّرت الصّلاة شيئًا. فقال:"إنّ ثيابي غُسلت". قال ابن رشد:"يحتمل أنّه لم يكن له غير تلك الثياب لزهده في الدّنيا، أو لعلّه ترك أخذ سواها مع سعة الوقت تواضعًا لله ليقتدى به في ذلك، ائتساءً بعمر بن الخطاب، فقد كان أتبع النّاس لسيرته وهديه في جميع الأحوال (١). وانظر مزيد تقرير لهذه المسألة في الأصل.
"المسألة السابعة"
في بيان أنّ "من حقّ" كلّ فعل أو قول "منسوبٍ" شرعا "إلى" حكم "الإباحة أن لَّا يسوّى" ويوحّد "مع" الفعل أو القول "ذي الكراهة" الشّرعية "في التّرك" الذي هو حكم المكروه "دائما" "و" كذلك من حقّه أن "لا" يسوّى مع "المندوب" - كما تقدّم ذكره - وكذلك "بقصد فعله" وإتيانه "على الدؤُّوب" أي الدّوام والاستمرار، كما هو الأمر الجاري في المندوب.
وإنّما منعت التّسوية بين المباح والمكروه في التّرك "خشية أن يعد" ويحسب المباح "في" قسم "المكروه" توهما. فقد كان - عليه الصّلاة والسّلام - يكره الضّبّ، ويقول: "لم يكن بأرض قومي، فأجدني أعافه"، وأكل على مائدته فظهر حكمه وقدِّم إليه طعام فيه ثوم لم يأكل منه، قال له أبو أيوب وهو الذي بعث به إليه: يا رسول