قال وآدم لم يعصم عن مساكنة قلبه إلى تدبير نفسه للخلود لما أدخل الجنة لأن البلاء في الفرع دخل عليه من أجل سكون القلب إلى ما وسوست به نفسه فغلب الهوى والشهوة العلم والعقل بسابق القدر إلى آخر ما تكلم به.
وهذا الذي ادعاه في الآية خلاف ما ذكره الناس من أن المراد النهي عن نفس الأكل لا عن سكون الهمة لغير الله وإن كان ذلك منهيا عنه أيضا ولكن له وجه يجري عليه لمن تأول فإن النهي إنما وقع عن القرب لا غيره ولم يرد النهي عن الأول تصريحا فلا منافاة بين اللفظ وبين ما فسر به وأيضا فلا يصح حمل النهي على نفس القرب مجردا إذ لا مناسبة فيه تظهر ولأنه لم يقل به أحد وإنما النهي عن معنى في القرب وهو إما التناول والأكل وإما غيره وهو شيء ينشأ الأكل عنه، وذلك مساكنة الهمة فإنه الأصل في تحصيل الأكل ولا شك في أن السكون لغير الله لطلب نفع أو دفع منهي عنه فهذا التفسير له وجه ظاهر فكأنه يقول لم يقع النهي عن مجرد الأكل من حيث هو أكل بل عما ينشأ عنه الأكل من السكون لغير الله إذ لو انتهى لكان ساكنا لله وحده فلما لم يفعل وسكن إلى أمر في الشجرة غره به الشيطان وذلك الخلد المدعى أضاف الله إليه لفظ العصيان ثم تاب عليه إنه هو التواب الرحيم (١). ولا يخفى على كلّ ذي بصيرة مشربه ما عليه أهل السنّة والجماعة أنّ هذا الضرب من التفاسير فتنة لما تفتحه من اللّعب بكلام الله - تعالى - وصرفه عن ظاهره بتخيّلات وأوهام باطلة أساسها قائم على التّفاسير الإشارية الفاسدة، وهذيان الباطنية، ممّا تقتضي العقول والأدلة الشرعية أنه ضلال مبين وبهتان عظيم.
"المسألة العاشرة"
"و" هي في بيان أن ما يرد على القلوب من القرائن القرآنية إنما يقبل منها ما كان له ما يدل على صحته. إذ "ما" أي ليس "اعتبارات" ومفاهيم "القرآن" الكريم "الوارده على القلوب ذات حال واحده" بل هي مختلفة أحوالها.