للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" فَصْلٌ"

١٠٠٢ - وَبَعْدُ فَالْحَرَجُ ذُو ارْتفَاعِ … خَشْيَةَ تَقْصِيرٍ أَوِ انْقِطَاعِ

١٠٠٣ - وَكَمْ دَلِيلٍ فِيهِمَا قَدْ جَاءَ … وَالنَّاسُ لَيْسُوا هَاهُنَا سَوَاءَ

" فصل"

في بيان أن الحرج مرفوع عن المكلف لوجهين. "وبعد" يعني وبعد هذا الذي تقدم من بيان حكم المشقة في الشريعة، "فـ" إنه من أجل مزيد بيان له - أي لهذا الذي تقدم - يجب أن يقرر على بسط أن "الحرج" عن الكلف "ذو ارتفاع" أي مرتفع - مرفوع - شرعا، وذلك لوجهين:

أحدهما: "خشية تقصير" من جهة المكلف عند مزاحمة الوظائف المتعلقة بالعبد المختلفة الأنواع مثل قيامه على أهله، وولده إلى تكاليف أخرى تأتي في الطريق، فربما كان التوغل في بعض الأعمال شاغلا عنها، وقاطعا بالمكلف دونها. وربما أراد الحمل للطرفين على المبالغة في الاستقصاء، فانقطع عنها.

وثانيهما: أورده الناظم قائلا "أو انقطاع" يعني أو خوف انقطاع عن العبادة، ونشوء البغض لها، وكراهية التكليف. وينتظم تحت هذا المعنى الخوف من إدخال الفساد عليه في جسمه، أو عقله، أو ماله، أو حاله. "وكم" من "دليل" شرعي في بيان الذي تقرر "فيهما" أي في هذين الوجهين من حكم "قد جاء" من الكتاب والسنة، ففي شأن خوف الانقطاع المذكور قال الشاطبي: أن الله وضع هذه الشريعة المباركة حنيفة سمحة سهلة، حفظ فيها على الخلق قلوبهم، وحببها لهم بذلك، فلو عملوا خلاف السماح والسهولة، لدخل عليهم فيما كلفوا به ما لا تخلص به أعمالهم، ألا ترى قوله تعالى: {وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ} [الحُجرَات: ٧] إلى آخرها. فقد أخبرت الآية أن الله حبب إلينا الإيمان بتيسيره وتسهيله، وزينه في قلوبنا بذلك، وبالوعد الصادق بالجزاء عليه، وفي الحديث "عليكم من الأعمال ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا" وفي حديث قيام رمضان: "أما بعد: فإنه لم يخف علي شأنكم، ولكن خشيت أن تفرض عليكم صلاة الليل فتعجزوا عنها" وفي حديث الحولاء بنت تويت حين قالت له عائشة رضي الله عنها: هذه الحولاء بنت تويت، زعموا أنها لا تنام الليل، فقال عليه الصلاة والسلام: "لا تنام الليل؟ خذوا من العمل

<<  <  ج: ص:  >  >>