اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} [البقرة: ٢٨٦]. وفي الحديث:"رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" وهو معنى متفق عليه في الجملة لا مخالف فيه وإن اختلفوا فيما تعلق به رفع المؤاخذة هل ذلك مختص بالمؤاخذة الأخروية خاصة أم لا فلم يختلفوا أيضًا أن رفع المؤاخذة بإطلاق لا يصح فإذا كان كذلك ظهر أن كل واحد من الطرفين معتبر على الجملة ما لم يدل دليل من خارج على خلاف ذلك والله أعلم.
"المسألة الخامسة"
في أن "جلب المصالح ودفع المفسدة" أن كان قد ثبت حكمه شرعا "بالإذن" الشرعي "فيه" فإنه على "أضرب" أي أنواع "معدّده" يعني محصورة في عدد معين وهو ثمانية في الجملة، بعضها متفرع عن بعض.
أحدها: أن لا يلزم من ذلك الجلب أو الدفع إضرار بالغير. وهذا حكمه هو أنه باق على أصله من الإذن، ولا إشكال فيه، وبذلك "فقصد" المكلف وفعله "ذاك" الجلب، أو الدفع "دون قصد" منه "للضرر بغيره" ودون لزومه منه "يصح" شرعا، ذلك الفعل ما زال - كما تقدم ذكره - باقيا على أصله من الإذن "ما فيه" بحث ولا "نظر" يقتضيه حاله فجريان هذا الحكم فيه لا إشكال فيه ولا حاجة إلى الاستدلال عليه لثبوت الدليل على الإذن فيه ابتداء.
وثانيهما: أن يلزم عنه ذلك - الإضرار - وهذا الضرب قسمان: أحدهما: أن يكون من هو آت بذلك الجلب أو الدفع "و" من هو "فاعل" له آتيا بذلك وفاعلا له "مع قصده" به "الإضرار" بغيره كالمرخص في سلعته قصد الطلب معاشه، وصحبه - أي ذلك القصد - قصد آخر وهو القصد إلى الإضرار بغيره بذلك. وهذا حكمه انه "يمنع" عليه "قصده" المذكور، إذ المطلوب شرعا هو رفع ما فيه الضرر والإضرار "بـ" قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث النبوي "لا" ضرر ولا "ضرارا" " - بكسر الضاد والالف للإطلاق -