للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

" المسألة الثامنة"

٢١١٤ - حَقِيقَةُ الْمَكْرُوهِ حَيْثُ يَأْتِي … أَنْ لَّا يُسَوَّى بِالْمُحَرَّمَاتِ

٢١١٥ - وَذَاكَ مَطْلُوبٌ بِهِ الْبَيَانُ … بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ وَهْوَ الشَّانُ

٢١١٦ - خَوْفًا مِنْ أَنْ يَطُولَ فِيهِ الْعَهْدُ … فَيُوجِبُ التَّرْكَ لَهُ مَنْ بَعْدُ

" المسألة الثامنة"

في أنّ المكروهات لا يسوّى بينها وبين المحرّمات، ولا بينها وبين المباحات.

وذلك أنّ "حقيقة" استقرار "المكروه حيث" أي في موضع "يأتي" سواء كان عبادة أو معاملة "أن لّا يسوّى" في الاعتبار العملي والنّفسي "بالمحرَّمات" بل يجب التّفريق بينهما على الوجه المذكور "وذاك" التّفريق وعدم التّسوية "مطلوب" ومقصود "به البيان" للحكم الثّابت لهما شرعا، ويكون ذلك التّفريق المقصود به هذا البيان "بما اقتضاه الحال" وواقع الأمر في ذلك "و" إذا حصل هذا البيان فإنّه "هو الشّان" المطلوب والغرض المقصود، وإنّما وجب هذا البيان "خوفا من أن يطول فيه" يعني في تركه - أي المكروه - "العهد" والأمد حتّى يظنّ أنّه حرام "فيوجب" ذلك "التّرك له" بالإطلاق "من بعد" عند من يجهل حكمه.

ولا يقال: إنّ في بيان ذلك ارتكابا للمكروه وهو منهي عنه.

لأنا نقول: البيان آكد، وقد يرتكب النّهي الحتم إذا كانت له مصلحة راجحة، ألا ترى إلى كيفية تقرير الحكم على الزّاني، وما جاء في الحديث من قوله - عليه الصلاة والسّلام - له: "أنِكْتَهَا" هكذا من غير كناية، مع أن ذكر اللّفظ في غير معرض البيان مكروه أو ممنوع؟ غير أنّ التّصريح هنا آكد، فاغتفر لما يترتب عليه فكذلك هنا، ألا ترى إلى إخبار عائشة عمّا فعلته مع رسول الله - صلّى الله عليه وسلّم - في التقاء الختانين، وقوله عليه الصّلاة والسّلام: "ألا أخبرتيها أنّي أفعل ذلك"، مع أن ذكر مثل هذا في غير محلّ البيان منهي عنه؟ وقد تقدّم ما جاء عن ابن عباس في ارتجازه وهو محرم بقوله: "إن تصدق الطير نَنِكْ لميسا" فمثل هذا لا حرج فيه (١).


(١) انظر الموافقات ٣/ ٢٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>