في وجوب عدم التّسوية بين المندوب والواجب في القول والعمل والاعتقاد.
"و" ذلك "إنّ من حقيقة" وماهية الحكم "المندوب" شرعا "أن لّا يُسَوَّى مع" الحكم "ذي الوجوب" أي الواجب "في قول أو فعل" على وجه يكونان فيه قد أفضيا "لذاك" الذي ذكر من التّسوية و"قادا" له "كعدم التّسوية" بينهما "اعتقادا" فإنّه ممنوع كذلك "إلّا" أن يسوّى بينهما في القول والعمل "على وجه" فيه ضرب "من التّنبيه" والدّلالة على ثبوت الفرق بينهما، وبذلك فهو "غير مخلّ" أي محدث للخلل "بـ" أي في "اعتقاد" المكلّف "فيه" وإنّما يبقى كلّ حكم منهما - أي الواجب والمندوب - في الاعتقاد على ما هو عليه في الشّرع "وذاك" الوجه يحصل بـ "مثل ترك الالتزام لفعله" أي المندوب "و" إتيانه "لا على" سبيل "الدّوام" والاستمرار، وبذلك ينفصل حاله عن حال الواجب الذي من صفته إتيانه على سبيل الدّوام والاستمرار في وقته المحدّد له شرعا. "و" هذا التّصرُّف "هو "تصرّف وارد "لدى" أي في "الشّرع" وهو "كثير" فيه و"معتبر" مقتضاه فيه "وكم" من "حديث" نبويّ "يقتضيه" ويدلّ عليه "و" كم من "أثر" ورد في تقريره، فـ "قد ترك الرّسول" - صلّى الله عليه وسلّم - "محبوب العمل" - فيه إضافة الصّفة إلى الموصوف - أي العمل المحبوب فعله شرعا، ولم يتركه إلّا "خشية" ومخافة "أن يعود" أي يصير "فرضا" وواجبا "استقلّ " وانفرد بذاته، بعد أن كان مندوبا فقط. ومن ذلك أنّه - صلّى الله عليه وسلّم - صلّى في المسجد فصلّى بصلاته ناس كثير، ثم صلّى من القابلة فكثروا،