للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

" فَصْلٌ"

١٠٠٤ - وَمَا عَلَى مُكَلَّفٍ مِنْهَا دَخَلْ … دونَ تَسَبُّبٍ لَه فِيهَا حَصَلْ

١٠٠٥ - فَلَيْسَ لِلشَّارعِ قَصْدٌ فِي بَقَا … مَا يُتَّذَى مِنْ وَقْعِهِ أَوْ يُتَّقَا

والضرب الثاني شأنه أن لا يدخل عليه ذلك الملل ولا الكسل، لوازع هو أشد من المشقة، أو حاد يسهل به الصعب، أو لما له في العمل من المحبة، ولما حصل له فيه من اللذة، حتى خف عليه ما ثقل على غيره وصارت تلك المشقة في حقه غير مشقة، بل يزيده كثرة العمل وكثرة العناء فيه نورا وراحة، أو يحفظ عن تأثير ذلك المشوش في العمل بالنسبة إليه أو إلى غيره؛ كما جاء في الحديث: "أرحنا بها يا بلال" وفي الحديث: "حبب إلي من دنياكم ثلاث؟ قال وجعلت قرة عيني الصلاة" وقال لما قام حتى تورمت أو تفطرت قدماه: "أفلا أكون عبدا شكورا" وقيل له عليه الصلاة والسلام: أنأخذ عنك في الغضب والرضى؟ قال: نعم وهو القائل في حقنا: "لا يقضي القاضي وهو غضبان" وهذا وإن كان خاصا به فالدليل صحيح. وجاء في هذا المعنى من احتمال المشقة في الأعمال والصبر عليها دائما كثير. ويكفيك من ذلك ما جاء عن الصحابة والتابعين ومن يليهم رضي الله عنهم، ممن اشتهر بالعلم وحمل الحديث والاقتداء بعد الاجتهاد (١).

وهذا الذي تقرر في هذا الوجه - وجه خوف الانقطاع هو نفسه المتقرر في الوجه الثاني وهو خوف التقصير.

"فصل"

في أن المشقة التي لم تكن ناشئة عن العمل ولا عن تسبب العبد في حصولها أمر غير مقصود للشارع بقاؤه. "وما على مكلف منها" أي من المشقة "دخل" من خارج فحصلت "دون تسبب له" للمكلف "فيها" يعني في وقوعها "حصل" وإنما كانت من خارج العمل ومن خارج الكسب "فـ" إن، حكمها هو أنه "ليس للشارع قصد في بقاء ما يتذى" أي ما يحصل الأذى "من وقعه" أي نزوله على المكلف "أو يتقى" أي يخشى ضرره وأذاه وذلك كألم الجوع، والعطش، والحر، والبرد فهذا لا قصد للشارع في


(١) الموافقات/ ج ٢/ ص ١٠٥ - ١٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>