" حتّى" إنّه "لقد أقصّ" - أي طلب أخذ القصاص - وهو "في" مجرى بيان "الأسباب" التي تترتّب عليه أحكام شرعيّة "من نفسه العليّة" القدر الساميّة "الجَنابِ" - بفتح الجيم - أي المقام، والمحلّ. والشواهد في هذا الشأن كثيرة، كإقامة الحدود، وبيان شروط صحّة العبادات ووجوبها، وصحّة المعاملات.
"المسألة الحادية عشرة"
في أنّ البيان النّبويّ حجّة لا يتطرّق لها الشّكّ على الإطلاق، وأما بيان الصّحابة فالمعتبر فيه ما أجمعوا عليه لأنّ ذلك لا يكون إلّا عن نقل، وأمّا ما لا يجمع عليه فيه فإنّ كونه معتبرا ودليلا شرعيّا موضع خلاف. وذلك أنّ "ما بيّنـ"ــه "الرّسول" - صلّى الله عليه وسلّم - "لا إشكال" ولا كلام "في صحّته" وكونه حجّة شرعيّة "و" بذلك فإنّ "الخلف فيه" - في كونه كذلك - أمر "منتف" ومفقود على الإطلاق "لأنّه" - صلّى الله عليه وسلّم - "المبعوث" المرسل "للبيان" الشّرعي "بمقتضى" وحكم "دليله" أي دليل كونه مبيّنا لهذا الدّين على الإطلاق، وهو الدّليل "القرآني" الذي هو قوله - سبحانه -: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٤]"و مثله" أي البيان النّبوي في كونه حجّة شرعيّة "ما أجمع" وأطبق "الصّحابة" - رضوان الله عليهم - "على بيانه" فإنّه - أيضا - حجّة شرعيّة "بلا" وجود "استرابة" أي شكّ في كونه كذلك. وذلك كإجماعهم - بعد الخلف - على الغسل من التقاء الختانين المبيّن - لقوله تعالى -: {وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}[المائدة: ٦]. وغير ذلك مما جرى فيه إجماعهم. "وهل يكون" دليلا شرعيّا و"حجّة ما قد صدر" عنهم "من غير" وجود "إجماع لهم" عليه؟ هذا العلماء لهم "فيه نظر" وبحث