من ذلك أن تكون السنة حاصلة فيه في الجملة، لأن الأمر والنهي أول ما في الكتاب. ومثله قوله:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعَام: ٣٨] وقوله: {أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ}[المَائدة: ٣] وهو يريد بإنزال القرآن فالسنة إذا في محصول الأمر بيان لما فيه وذلك معنى كونها راجعة إليه وأيضا فالاستقراء التام دل على ذلك حسبما يذكر بعد بحول الله. وقد تقدم في أول كتاب الأدلة أن السنة راجعة إلى الكتاب وإلا وجب التوقف عن قبولها وهو أصل كاف في هذا المقام (١). وانظر الأصل في هذا الموضع لمزيد البيان لهذا والتقرير له.
"المسألة الرابعة"
في أن القرآن متضمن لكليات السنة في الجملة وإن كانت بيانا له على التفصيل.
وبيان ذلك أنّ "للناس" إيرادا وسوقا لأدلة وردت "في السنة والكتاب" و"مآخذ" أي حجج "عتيدة" أي قوية "الصواب" واضحة الدلالة على هذا الأمر وهو أنّ كلّ ما ورد في السنّة متضمن في الكتاب وأن السنة حجيتها ومقتضياتها راجعة إليه، فما فيها من أحكام وشرائع ينابيع جرت منه، وأفنان تفرعت عنه.
"منها" أي هذه المآخذ - الأدلة التي يؤخذ منها هذا الأمر ويدرك منها هذا الحكم - "اعتبار" واعتماد مقتضى "الشاهد" والدليل "القرآني" الوارد "في" إثبات "صحة" وحجية "السنة في" الذي تدل عليه من الأحكام و"المعاني" اللفظية الدالة على بناء هذه الأحكام - كالتخصيص والنسخ والتقدير - وفي لزوم اتباعها.
والمراد بذلك الشاهد ما ورد في القرآن الكريم من الأمر باتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - وطاعته، "مثل" قوله - سبحانه - {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}[الحَشر: ٧]"فهو" حجة "على" وجوب اتباع "ما تقتضيـ"ــــــه و"دليل" عليه وعلى