صحة ما تقتضيه شرعا. وهذا الدليل هو أهم وأعم دليل اعتمد عليه في هذا الباب "لأنه الأصل لما قد مرّا" - الألف للإطلاق - ذكره في شأن السنة "وذا" الدليل "لبعض السلف" هو العمدة والبرهان الذي "استقرا" - الألف للإطلاق - بناء هذا الحكم عليه، وممن أخذ بهذا عبد الله بن مسعود، فقد روى أنّ امرأة من بني أسد أتته فقالت له: بلغني أنّك لعنت ذيت وذيت والواشمة والمستوشمة وإنني قد قرأت ما بين اللوحين فلم أجد الذي تقول! فقال لها عبد الله: أما قرأت {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ}[الحَشر: ٧]؟ قالت: بلى قال: فهو ذاك.
وفي رواية قال عبد الله: لعن الله الواشمات، والمستوشمات، والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد؛ فقالت: يا أبا عبد الرحمن بلغني عنك أنك لعنت كيت وكيت فقال: وما لي لا ألعن من لعنه رسول الله وهو في كتاب الله؟ فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته! فقال لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله عز وجل {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} الحديث. فظاهر قوله لها: هو في كتاب الله، ثم فسر ذلك بقوله:[ومما آتاكم الرسول فخذوه] دون قوله: {وَلَآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللَّهِ}[النِّسَاء: ١١٩] إن تلك الآية تضمنت جميع ما جاء في الحديث النبوي، ويشعر بذلك أيضا ما روي عن عبد الرحمن بن يزيد أنه رأى محرما عليه ثيابه فنهاه، فقال: ائتني بآية من كتاب الله تنزع ثيابي فقرأ عليه: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} وروي أن طاوسا كان يصلي ركعتين بعد العصر فقال له ابن عباس: اتركهما فقال: إنما نهى عنهما أن تتخذا سنة فقال ابن عباس: قد نهى رسول الله صلى لله عليه وسلم عن صلاة بعد العصر؛ فلا أدري أتعذب عليها أم تؤجر لأن الله قال:{وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ}[الأحزَاب: ٣٦] عن الحكم بن أبان؛ أنه سأل عكرمة عن أمهات الأولاد؛ فقال: هن أحرار قلت: بأي شيء؟ قال: بالقرآن قلت: بأي شيء في القرآن؟ قال: قال الله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ}[النِّسَاء: ٥٩] وكان عمر من أولي الأمر قال: عتقت ولو بسقط (١).