"و" أما "إن يكن" حاله "مستبهما" غير واضح "لمن نظر في شأنه فهو محل للنظر" والاجتهاد. وهذا الذي ذكر في السبب الممنوع يجري مثله في السبب المشروع.
قال الشاطبي: فأما لو فرضنا أن السبب الممنوع لم يثمر ما ينهض سببا لمصلحة، أو السبب المشروع لم يثمر ما ينهض سببا لمفسدة، فلا يكون عن المشروع مفسدة تقصد شرعا، ولا عن الممنوع مصلحة تقصد شرعا.
وذلك كحيل أهل العينة في جعل السلعة واسطة في بيع الدينار بالدينارين إلى أجل. فهنا طرفان وواسطة: طرف لم يتضمن سببا ثابتا على حال، كالحيلة المذكورة. وطرف تضمن سببا قطعا أو ظنا؛ كتغير المغصوب في يد الغاصب فيملكه على التفصيل المعلوم. وواسطة لم ينتف فيها السبب البتة، ولا ثبت قطعا. فهو محل أنظار المجتهدين (١).
"المسْألة الثانية عشرة"
في أن الأسباب - من حيث هي أسباب شرعية لمسببات - إنما شرعت لتحصيل مسبباتها وهي المصالح المجتلبة، أو المفاسد المستدفعة.
قال الناظم:"وجملة" أي وكل "الأسباب" الشرعية "حيث وقعت"، سواء وقعت في العبادات أو في العادات الشرعية، إنما وضعت "لتحصل المسببات" المترتبة عنها، ولذلك "شرعت و" تلك المسببات "هي المصالح التي تجتلب" أي المطلوب جلبها شرعا "أو المفاسد التي تجتنب" أي يطلب اجتنابها شرعا.