وبذلك فإنه "ليس على الغير" أي غيره الإتيان "بها" أو "قيام" بتحصيلها.
والدليل على ذلك أوجه: أحدها أن المصالح إما دينية أخروية وإما دنيوية أما الدينية فلا سبيل إلى قيام الغير مقامه فيها حسبما تقدم وليس الكلام هنا فيها إذ لا ينوب فيها أحد عن أحد وإنما النظر في الدنيوية التي تصح النيابة فيها فإذا فرضنا أنه مكلف بها فقد تعينت عليه وإذا تعينت عليه سقطت عن الغير بحكم التعيين فلم يكن غيره مكلفا بها أصلا والثاني أنه لو كان الغير مكلفا بها أيضًا لما كانت متعينة على هذا الملكف ولا كان مطلوبا بها البتة لأن المقصود حصول المصلحة أو درء المفسدة وقد قام بها الغير بحكم التكليف فلزم أن لا يكون هو مكلفا بها وقد فرضناه مكلفا بها على التعيين هذا خلف لا يصح والثالث أنه لو كان الغير مكلفا بها فإما على التعيين وإما على الكفاية وعلى كل تقدير فغير صحيح أما كونه على التعيين فكما تقدم وأما على الكفاية فالفرض أنه على المكلف عينا لا كفاية فيلزم أن يكون واجبا عليه عينا غير واجب عليه عينا في حالة واحدة وهو محال (١).
"لكن" هذا الحكم إنما يسري على المكلف إن كان قادرا مختارا وأما "إن اضطر" إلى تلك المصالح وهو غير قادر على تحصيلها، "فـ" إنه في "ذا" أي هذا الحال يسقط عنه التكليف بتلك المصالح، فيقع على غيره "إلزام" ووجوب بتحصيلها له، "ومن هنا" أي هذا الموضع وهو انتقال وجوب تحصيل المكلف مصالحه إلى غيره عند الضرورة جاءت "شرعية" أي مشروعية "الإقراض وما" هو "بمعناه من الأغراض" أي في حكمه من جهة كونه مواساة وقياما بهذا الواجب كغسل الموتى ودفنهم والقيام على الأطفال والمجانين والنظر في مصالحهم وما أشبه ذلك من المصالح التي لا يقدر المحتاج إليها على استجلابها والمفاسد التي لا يقدر على استدفاعها فعلى هذا يقال كل من لم يكلف بمصالح نفسه فعلى غيره القيام بمصالحه بحيث لا يلحق ذلك الغير ضرر فالعبد لما استغرقت منافعه مصالح سيده كان سيده مطلوبا بالقيام بمصالحه والزوجة كذلك صيرها الشارع للزوج كالأسير تحت يده فهو قد ملك منافعها الباطنة من جهة الإستمتاع