للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١٣٨٥ - لِلأخْذِ بِالإِذْنِ يَمِيلُ الشَّافِعِي … وَمَالِكٌ لِلسَّدِّ لِلذَّرَائِعِ

والأصل فيه - أي في هذا الموطن - الحمل على الأصل وهو صحة الإذن الشرعى وجريان حكمه فيه.

إلَّا أنه يعارضه جانب الظن المثار بوقوع تلك المفسدة بكثرة، فجرى الخلاف في هذا الشأن لذلك، كما تقدم ذكره.

"للأخذ" والعمل "بـ" مقتضى "الإذن" الشرعي المذكور "يميل" الإمام محمد بن إدريس "الشافعي" - رحمه الله تعالى -، ومن وافقه في هذا، وذلك لأن العلم والظن منتفيان بوقوع المفسدة، إذ ليس هنا إلَّا احتمال مجرد بين الوقوع وعدمه، ولا قرينة ترجح أحد الجانبين على الآخر، واحتمال القصد للمفسدة والإضرار لا يقوم مقام نفس القصد ولا يقتضيه لوجود العوارض من الغفلة وغيرها عن كونها موجودة أو غير موجودة. وأيضا فإنه لا يصح أن يعد الجالب أو الدافع هنا مقصرا، ولا قاصدا كما في العلم والظن، لأنه ليس حمله على القصد إليهما أولى من حمله على عدم القصد لواحد منهما.

"و" خالف الإمام "مالك" - رحمه الله - هذا الذي ذهب إليه الشافعي ومن وافقه هنا، فرأى إلغاء جهة الإذن الشرعي المذكور في هذا المقام وإسقاطه، وذهب "لـ" ترجيح العمل بقاعدة "السد للذرائع" بناء على كثرة القصد وقوعا ولذلك القصد لا ينضبط في نفسه لأنه من الأمور الباطنة لكن له مجال هنا وهو كثرة الوقوع في الوجود أو هو مظنة ذلك فكما اعتبرت المظنة وإن صح التخلف كذلك تعتبر الكثرة لأنها مجال القصد ولهذا أصل وهو حديث أم ولد زيد بن أرقم وأيضا فقد يشرع الحكم لعلة مع كون فواتها كثيرا كحد الخمر فإنه مشروع للزجر والازدجار به كثير لا غالب فاعتبرنا الكثرة في الحكم بما هو على خلاف الأصل فالأصل عصمة الإنسان عن الإضرار به وإيلامه كما أن الأصل في مسألتنا الإذن فخرج عن الأصل هنالك لحكمة الزجر وخرج على الأصل هنا من الإباحة لحكمة سد الذريعة إلى الممنوع وأيضا فإن هذا القسم مشارك لما قبله في وقوع المفسدة بكثرة فكما اعتبرت في المنع هناك فلتعتبر هنا كذلك (١).


(١) الموافقات ٢ ص ٢٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>