للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

وعلمه" وفيه: "أفضل العبادة انتظار الفرج" إلى أشياء من هذا النمط جميعها يدل على أن التفضيل ليس بمطلق، ويشعر إشعارا ظاهرا بأن القصد إنما هو بالنسبة إلى الوقت أو إلى حال السائل.

وقد دعا عليه السلام لأنس بكثرة المال فبورك له فيه. وقال لثعلبة بن حاطب حين سأله الدعاء له بكثرة المال: "قليل تؤدي شكره خير من كثير لا تطيقه". وقال لأبي ذر: "يا أبا ذر إني أراك ضعيفا، وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرن على اثنين، ولا تولين مال يتيم" ومعلوم أن كلا العملين من أفضل الأعمال لمن قام فيه بحق الله، وقد قال في الإمارة والحكم: "إن المقسطين عند الله على منابر من نور عن يمين الرحمن" الحديث وقال: "أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة" ثم نهاه عنهما لما علم له خصوصا في ذلك من الصلاح.

وفي أحكام إسماعيل بن إسحاق عن ابن سيرين قال: كان أبو بكر يخافت، وكان عمر يجهر - يعني في الصلاة - فقيل لأبي بكر: كيف تفعل؟ قال: أناجي ربي وأتضرع إليه. وقيل لعمر: كيف تفعل؟ قال أوقظ الوسنان وأخسأ الشيطان وأرضي الرحمن. فقيل لأبي بكر: "ارفع شيئا" وقيل لعمر: "اخفض شيئا" وفسر بأنه عليه الصلاة والسلام قصد إخراج كل واحد منهما عن اختياره وإن كان قصده صحيحا (١).

وفي الصحيح "أن ناسا جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به. قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم. قال: ذلك صريح الإيمان" وفي حديث آخر: "من وجد من ذلك شيئا فليقل: آمنت بالله" وعن ابن عباس في مثله قال: "إذا وجدت شيئا من ذلك فقل: هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم" فأجاب النبي عليه الصلاة والسلام بأجوبة مختلفة، وأجاب ابن عباس بأمر آخر، والعارض من نوع واحد.

وفي الصحيح: "إني أعطي الرجل وغيره أحب إلي منه، مخافة أن يكبه الله في النار" وآثر عليه الصلاة والسلام في بعض الغنائم قوما، ووكل قوما إلى إيمانهم، لعلمه


(١) الموافقات ٤/ ٧١ - ٧٢ - ٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>