للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٨٣٧ - فَهْوَ كَذَاكَ دَاخِلٌ فِي الْعِصْمَةْ … وَمَا عَلَيْهِ اجْتَمَعَتْ ذِي الْأُمَّةْ

٨٣٨ - بَيَانُهُ مِنْ جِهَةِ الْمَسْمُوعِ … أَوْ بِاعْتِبَارِ حَالَةِ الْوُقُوعِ

أي محفوظ من كل ما يزري بمنصبه - النبوة والرسالة - من الرذائل والدناءات ومن كل ما يشين وإن كان من الصغائر، وإذا كان من جاء بهذا الدين معصوما "فهو" أي هذا الدين "كذاك داخل في العصمة" والحفظ الإلهي له، ولا يكون ذلك إلا بحفظ أصوله المذكورة، وقواعده الكلية - كما تقدم ذكره في المقدمة الأولى - "و" كذلك يدخل في العصمة الإلهية من الخطأ "ما عليه اجتمعت ذي" أي هذه "الأمة" واتفقت عليه.

"بيانه" أي بيان هذا الذي ذكر من حصول هذه العصمة للرسول - صلى الله عليه وسلم - ولهذا الدين يكون من جهتين "من جهة" الدليل "المسموع" وهو ما جاء من الأدلة الدالة على ذلك تصريحا، وتلويحا كقوله تعالى -: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] وقوله تعالى: {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ} [هود: ١].

وقد قال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آيَاتِهِ} [الحج: ٥٢] فأخبر أنه يحفظ آياته ويحكمها حتى لا يخالطها غيرها، ولا يداخلها التغيير ولا التبديل.

والسنة وإن لم تذكر فإنها مبنية له، ودائرة حوله، فهي منه وإليه ترجع في معانيها. فكل واحد من الكتاب والسنة يعضد بعضه بعضا، ويشد بعضه بعضا. وقال تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} [المائدة: ٣].

حكى أبو عمر الداني في "طبقات القراء" له عن أبي الحسن بن المنتاب قال: كنت يوما عند القاضي أبي إسحاق إسماعيل بن إسحاق فقيل له: لم جاز التبديل على أهل التوراة، ولم يجز على أهل القرآن؟ فقال القاضي: قال الله عز وجل في أهل القرآن {بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ} [المائدة: ٤٤] فوكل الحفظ إليهم، فجاز التبديل عليهم وقال في القرآن: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)} [الحجر: ٩] فلم يجز التبديل عليهم، قال علي: فمضيت إلى أبي عبد الله المحاملي فذكرت له الحكاية، فقال: ما سمعت كلاما أحسن من هذا. وأيضا ما جاء من حوادث الشهب أمام بعثة النبي صلى الله عليه وسلم، ومنع الشياطين من استراق السمع لما كانوا يزيدون فيما سمعوا من أخبار السماء، حيث كانوا يسمعون الكلمة فيزيدون معها مائة

<<  <  ج: ص:  >  >>