"و" يضاف لهذا "شدة اقتدائهم" ومتابعتهم للرسول - صلى الله عليه وسلم -، وأخذهم أنفسهم بالعمل على سنته، مع حمايته ونصرته، وذلك قد "أوجب" واقتضى "أن كان الذي يرونه" ويستنبطونه من الأحكام الفقهية والمناهج التي تسلك إلى بناء تلك الأحكام هو "أهدى سنن" وأصحها، وأحرى بالاتباع مما سواه "ومن" هذا الذي تقرر "هنا" في حق الصحابة من الفضل والعلم "يظهر" لك سر أو علة "كون مالك" بن أنس - رحمه الله تعالى - إماما "متبعا" - بفتح الباء - ومقتدى به "مستحسن المدارك" التي يأخذ بها في بناء الأحكام، ويتخذها سبلا إلى إدراكها، فحمد أهل العلم مسلكه في ذلك "إذ جد" وأخذ بالحزم "في اقتفاء" واتباع "آثار السلف" الصالح وما صدر عنهم من فتاوى وأقضية وطرق في الاستنباط للأحكام من أدلتها، "فصار" متبعا و"مقتدى به عند الخلف" ممن بعده من أهل العلم الموافقين له في مذهبه. وما كان له ذلك إلا ببركة اتباعه لمن أثنى الله ورسوله عليهم وجعلهم قدوة رضي الله عنهم ورضوا عنه أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون. وثانيها: ما جاء في الحديث من الأمر باتباعه وأن سنته في طلب الاتباع كسنة النبي - صلى الله عليه وسلم - كقوله - عليه الصلاة والسلام -: "فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وقوله تفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا ومن هم يا رسول الله قال ما أنا عليه وأصحابي وعنه أنه قال أصحابي مثل الملح لا يصلح الطعام إلا به وعنه أيضا إن الله اختار أصحابي على جميع العالمين سوى النبيين والمرسلين واختار لي منهم أربعة أبا بكر وعمر وعثمان وعليا فجعلهم خير أصحابي وفي أصحابي كلهم خير ويروى في بعض الأخبار أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم إلى غير ذلك مما في معناه.
والثالث أن جمهور العلماء قدموا الصحابة عند ترجيح الأقاويل فقد جعل طائفة