والمراجعة إلا "بشرطه بل" يجب أن يحصل عنده "في العلم" المطلوب من قوة الإدراك والنظر "ما يفهم منه" أي ذلك العلم "قصده" يعني مقاصده. "و" ذلك يوجب أن يكون عنده "في اصطلاح أهله" أي أهل ذلك العلم "ما يعتبر" العلم به ممكنا من ذلك الفهم "وما يتم معه حكم النظر" في كتب ذلك العلم. ولا شك أن العلم بالمصطلحات العلمية لا تحصل إلا بأخذها عن أهل العلم بها مشافهة، فتكون هذه الطريق بهذا الاعتبار تابعة للطريق الأول، وهو ما أشار إليه الناظم بقوله "و للطريق الأولي تابع"، فيكون هذا متوقفا على ذاك، هذا هو الشرط الأول، والثاني ذكره بقوله "مع" وجوب "تحري" أي قصد "كتب من تقدما" من أهل العلم "في كل ما" أي في كل علم "من العلوم "التي "يمما" يعني قصد بالطلب وأراد فهمه والعلم به "فالقدماء" أي وذلك لأجل أن القدامى من أهل العلم - الأئمة المؤسسين وأصحابهم ومن على دربهم - "بالعلوم أقعد" أولى من المتأخرين - يقال فلان أقعد من فلان: إذا كان أقرب منه - "بذاك" الذي ذكره من كون القدامى أقعد بالعلوم "تجريب" وواقع الحال "ونقل" أي ما ورد من النصوص في هذا الشأن "يشهد" يعني يشهدان إلا أنه استغنى بصيغة الإفراد - يشهد - عن التثنية لظهور المراد.
"أما التجربة فهو أمر مشاهد في أي علم كان؛ فالمتأخر، لا يبلغ من الرسوخ في العلم ما بلغه المتقدم. وحسبك من ذلك أهل كل علم عملي أو نظري، فأعمال المتقدمين - في إصلاح دنياهم ودينهم - على خلاف أعمال المتأخرين وعلومهم في التحقيق أقعد، فتحقق الصحابة بعلوم الشريعة ليس كتحقق التابعين؛ والتابعون ليسوا كتابعيهم؛ وهكذا إلى الآن، ومن طالع سيرهم وأقوالهم وحكاياتهم، أبصر العجب في هذا المعنى، وأما الخبر ففي الحديث: "خير القرون قرني، ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم". وفي هذا إشارة إلى أن كل قرن مع ما بعده كذلك. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أول دينكم نبوة ورحمة، ثم ملك ورحمة، ثم ملك وجبرية ثم ملك عضوض" ولا يكون هذا إلا مع قلة الخير، وتكاثر الشر شيئا بعد شيء. ويندرج ما نحن