للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٤٤ - لِجهَةِ التَّوْكيلِ وَالشَّفَاعَةِ … وَالْقَصْدِ وَالْوصَاةِ وَالْغَرَامَةِ

١١٤٥ - وَلِلتَّسَبُّبَاتِ وَالْمَصَائِبِ … وَللتَّصَدُّقَاتِ بِالْمَكَاسِبِ

وبذلك فهذه المسائل ليست من هذا الباب لأنها اعتبرت فيها جهات أخرى كانت من الموجبات لهذه الأحكام التي تترتب في تلك المواضع. أما إخراج الزكاة فإن جريان النيابة فيها مرجعه "لجهة التوكيل" الذي يصح فيه. "و" أما قاعدة الدعاء فظاهر أنه ليس في الدعاء نيابة، لأن مرده إلى "الشفاعة" للغير فليس من هذا الباب "و" أما الجهاد فهو وإن كان من الأعمال المعدودة في العبادات، فهو معقول المعنى، كسائر فروض الكفايات التي هي مصالح الدنيا، لكن لا يحصل لصاحبها الأجر الأخروي إلا من جهة "القصد" لوجه الله - تعالى - وإعلاء كلمته بذلك. "و" أما الحج فإنه يحمل جريان النيابة فيه وجوازها فيه على ما إذا أمر به، أو وقع "الوصاة" أي الوصية به وأما كون حسنات الظالم تعطى للمظلوم، أو سيئات المظلوم تطرح على الظالم فإن ذلك من باب "الغرامة" والمعاوضة لأن الأعواض الأخروية إنما تكون في الأجور والأوزار إذ لا دينار هناك ولا درهم وقد فات القضاء في الدنيا. "و" أما سن السنن حسنة كانت أو سيئة وبقاء جريان ثمرات الولد الصالح والصدقة الجارية والعلم النافع وترتب إثم القتل على ابن آدم الأول وما أشبه ذلك فإنه راجع "للتسببات"، فالجزاء في ذلك كله مرجعه إلى عمل المأجور والمأزور لأنه هو الذي تسبب فيه أولا. فعلى جريان سببه تجري المسببات، والكفل الراجع إلى المتسبب - وهو ابن آدم - ناشئ عن عمله، لا عن عمل المتسبب الثاني وإلى هذا المعنى يرجع قوله تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ} [الطّور: ٢١] لأن ولده كسب من كسبه. فما جرى عليه من خير، فكأنه منسوب إلى الأب. وبذلك فسر قوله - تعالى -: {مَا أَغْنَى عَنْهُ مَالُهُ وَمَا كَسَبَ (٢)} [المَسَد: ٢] أن ولده من كسبه، فلا غرو أن يرجع إلى منزلته وتقر عينه به، كما تقر عينه بسائر أعماله الصالحة، وذلك قوله تعالى: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ} [الطُّور: ٢١]. وهبة الثواب في ذا تدخل إذ رده من كسبنا التفضل وغير ما يقبل تأويلا وقد عارض قطعيا فمثله يرد "و" أما مسألة الكسب مما يؤكل من الغرس والزرع فإنه من باب "المصائب" في المال، والمصائب ليست من باب النيابة في العبادة. "و" أما مسألة الصيام عن الولي والحج عنه فإن ذلك محمول على أنه راجع "للتصدقات بالمكاسب" أي فيما يصح أن تكسبه لغيرك، والصدقة تصح فيها النيابة لأنها تكون في المال، وهو يصح أن تكسبه لغيرك وذلك أن القضاء تارة يكون بمثل المقضي، وتارة يكون بما يقوم مقامه عند تعذره، وذلك في الصيام الإطعام، وفي الحج النفقة عمن يحج عنه، أو ما أشبه ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>