للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

١١٤٢ - وَمَعَ ذَا لَوْ صَحَّ فِي الْحِسِّيهْ … جَوَازُهَا لَعَمَّ فِي الْقَلْبِيَّهْ

١١٤٣ - وَمَا أَتَى يُوهِمُ غَيْرَ مَا ذُكِرْ … فَخَارجٌ عَنْ حُكْمِهِ إِذَا اعْتُبِرْ

ما اتصف به النائب ولا نيابة إذ ذاك على حال (١). "و" يزاد "مع ذا" أي هذا الذي ذكر دليل آخر وهو أنه "لو صح" شرعا "في" الأفعال "الجسمية" أي البدنية "جوازها" أي النيابة "لعم" هذا الجواز الأفعال "القلبية" - أيضا - كالإيمان وغيره من الصبر والشكر، والرضى والتوكل والخوف، والرجاء وما أشبه ذلك، ولم تكن التكاليف محتومة على المكلف عينا لجواز النيابة فكان يجوز أمره ابتداء على التخيير بين العمل والاستنابة ولصح مثل ذلك في المصالح المختصة بالأعيان من العاديات كالأكل والشرب والوقاع واللباس وما أشبه ذلك وفي الحدود والقصاص والتعزيرات وأشباهها من أنواع الزجر وكل ذلك باطل بلا خلاف من جهة أن حكم هذه الأحكام مختصة فكذلك سائر التعبدات" (٢).

" أما "ما أتى" من النصوص الشرعية وهو "يوهم" أي يوقع في الوهم "غير ما ذكر" في هذا الشأن - وذلك كقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الميت يعذب ببكاء الحي عليه" وكقوله - عليه الصلاة والسلام -: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة" - وقوله صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل إذا مات انقطع عمله إلا من ثلاث" - وأنه ما من نفس تقتل ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل منها وفي القرآن {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمَانٍ أَلْحَقْنَا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ} [الطُّور: ٢١] وفسر بأن الأبناء يرفعون إلى منازل الآباء وإن لم يبلغوا ذلك بأعمالهم وفي الحديث: إن فريضة الله أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة أفأحج عنه قال نعم وفي رواية أفرأيت لو كان على أبيك دين فقضيته أكان يجزئه قالت نعم قال فدين الله أحق أن يقضى. ومن مات وعليه صوم صام عنه وليه. وقيل يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها نذر لم تقضه قال: "فقضه عنها" وقد قال بمقتضى هذه الأحاديث كبراء وعلماء وجماعة ممن لم يذهبوا إلى ذلك قالوا بجواز هبة العمل وأن ذلك ينفع الموهوب له عند الله تعالى فهذه جملة تدل على ما لم يذكر من نوعها وتبين أن ما تقدم في الكلية المذكورة ليست على العموم فلا تكون صحيحة (٣). وغير ذلك من الأدلة الدالة على هذا الحكم كالصدقة عن الغير، وحمل العاقلة الدية والجهاد. ثم إن المرء قد يجازى بنيته وإن لم يعمل ما نوى لمانع كما يجازي عن المصائب، وغير ذلك مما لم يعمل. "فـ" الجواب عنه هو ان هذا كله "خارج عن حكمه" أي عن حكم النيابة في العبادات الذي كلامنا فيه "إذا اعتبر" وتأمل أمره


(١) الموافقات ٢/ ١٧٥.
(٢) الموافقات ٢/ ١٧٥.
(٣) الموافقات ٢/ ١٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>