" دل على صحة ذا" أي هذا الحكم الدليل "المنقول" أي النصوص الشرعية الواردة في إثباته كقوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[فَاطِر: ١٨]- وقوله - سبحانه: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى (٣٩)} [النّجْم: ٣٩] وفي القرآن {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى}[الأنعَام: ١٦٤] في مواضع وفي بعضها {وَإِنْ تَدْعُ مُثْقَلَةٌ إِلَى حِمْلِهَا لَا يُحْمَلْ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى}[فَاطِر: ١٨] ثم قال: {وَمَنْ تَزَكَّى فَإِنَّمَا يَتَزَكَّى لِنَفْسِهِ}[فَاطِر: ١٨] وقال تعالى: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (١٢)} [العَنكبوت: ١٢] وقال: {وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ}[القصص: ٥٥] وقال تعالى: {وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام: ٥٢] الآية وأيضا ما يدل على أن أمور الآخرة لا يملك فيها أحد عن أحد شيئا كقوله: {يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا}[الانفِطار: ١٩] فهذا عام في نقل الأجور أو حمل الأوزار ونحوها وقال: {وَاخْشَوْا يَوْمًا لَا يَجْزِي وَالِدٌ عَنْ وَلَدِهِ وَلَا مَوْلُودٌ هُوَ جَازٍ عَنْ وَالِدِهِ شَيْئًا}[لقمان: ٣٣] وقال {وَاتَّقُوا يَوْمًا لَا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئًا وَلَا يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلَا يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ}[البقرة: ٤٨] الآية إلى كثير من هذا المعنى وفي الحديث حين أنذر عليه الصلاة والسلام عشيرته الأقربين يا بني فلان إني لا أملك لكم من الله شيئا (١).
"و" كذلك دل عليه "ما" يقضي به "لـ" الدليل "ذي" أي صاحب "المعنى" الذي هو "بها" أي العبادة يعني فيها "معقول" أي مدرك بالعقل بمقتضى ماهيتها وذلك الدليل هو أن مقصود العبادة الخضوع لله والتوجه إليه والتذلل بين يديه والانقياد تحت حكمه وعمارة القلب بذكره حتى يكون العبد بقلبه وجوارحه حاضرا مع الله ومراقبا له غير غافل عنه وأن يكون ساعيا في مرضاته وما يقرب إليه على حسب طاقته والنيابة تنافي هذا المقصود وتضاده لأن معنى ذلك أن لا يكون العبد عبدا ولا المطلوب بالخضوع والتوجه خاضعا ولا متوجها إذا ناب عنه غيره في ذلك، وإذا قام غيره في ذلك مقامه فذلك الغير هو الخاضع المتوجه والخضوع والتوجه ونحوهما إنما هو اتصاف بصفات العبودية والاتصاف لا يعدو المتصف به ولا ينتقل عنه إلى غيره والنيابة إنما معناها أن يكون المنوب عنه بمنزلة النائب حتى يعد المنوب عنه متصفا بما اتصف به النائب وذلك لا يصح في العبادات كما يصح في التصرفات فإن النائب في أداء الدين مثلا لما قام مقام المديان صار المديان متصفا بأنه مؤد لدينه فلا مطالبة للغريم بعد ذلك به وهذا في التعبد لا يتصور ما لم يتصف المنوب عنه بمثل