" و" بيان ذلك أن "كل" أمر "محكيّ لدى" أي في "القرآن" الكريم "رد" من لدن الشارع فيه "فـ" إنه "لا إشكال" ولا نزاع "في البطلان" - الألف واللام بدل من الضمير - يعني في بطلانه سواء وقع رده قبل ذكره أو بعده، "وهو" أي هذا الرد "كثير" وروده، وقد "جاء في آيات" كثيرة ومن ذلك قوله - تعالى -: {إِذْ قَالُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى بَشَرٍ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعَام: ٩١]، فأعقب بقوله - سبحانه - {قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتَابَ الَّذِي جَاءَ بِهِ مُوسَى}[الأنعَام: ٩١] الآية! وقال: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالْأَنْعَامِ نَصِيبًا}[الأنعَام: ١٣٦] الآية. فوقع التنكيت على افتراء ما زعموا، بقوله {بِزَعْمِهِمْ}[الأنعَام: ١٣٦]، وبقوله {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ}[الأنعَام: ١٣٦] ثم قال: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ}[الأنعَام: ١٣٨] إلى تمامه، ورد بقوله:{سَيَجْزِيهِمْ بِمَا كَانُوا يَفْتَرُونَ}[الأنعَام: ١٣٨] ثم قال: {وَقَالُوا مَا فِي بُطُونِ هَذِهِ الْأَنْعَامِ خَالِصَةٌ}[الأنعَام: ١٣٩] الآية؟ فنبه على فساده بقوله:{سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ}[الأنعَام: ١٣٩] زيادة على ذلك. وقال تعالى:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ}[الفرقان: ٤] فرد عليهم بقوله: {فَقَدْ جَاءُوا ظُلْمًا وَزُورًا}[الفُرقان: ٤] ثم قال: {قَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ}[النّحل: ٢٤] الآية! فرد بقوله: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ}[الفُرقان: ٦] الآية، ثم قال: وقال {الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُورًا}[الإسرَاء: ٤٧] ثم قال تعالى: {انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثَالَ فَضَلُّوا}[الإسرَاء: ٤٨] وقال تعالى: {وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا (٥)} [ص: ٤، ٥] إلى قوله {أَأُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ مِنْ بَيْنِنَا}[ص: ٨]؟ ثم رد عليهم بقوله:{بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي}[ص: ٨] إلى آخر ما هنالك. وقال:{وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا}[البَقَرَة: ١١٦] ثم رد عليهم بأوجه كثيرة ثبتت في أثناء القرآن كقوله: {بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ}[الأنبياء: ٢٦] وقوله {بَلْ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[البَقَرَة: ١١٦] وقوله {سُبْحَانَهُ هُوَ الْغَنِيُّ}[يُونس: ٦٨] الآية! وقوله {تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ}[مَريم: ٩٠] إلى آخره، وأشباه ذلك، ومن قرأ القرآن وأحضره في ذهنه عرف هذه يسير. "و" هذا "الأمر" المقرر هنا برهانه "واضح" أي بين ساطع "الآيات" - بكسر الهمزة - يعني إياته - أي نوره وضوءه - فالألف واللام فيه نابتا عن الضمير. هذا حكم هذا القسم - وهو الأول - وهو ما حكى القرآن ورد.