قد علم مما تقدم أن القرائن الحالية - ومنها أسباب التنزيل - هي التي بها قد يحصل ويدرك فهم الخطاب الشرعي على الوجه الصحيح، لكن هذه الأسباب إنما تطلب حيث وردت، ويستضاء بها حيث وجدت "و" أما "حيث لا سبب" معلوم "للتنزيل" لنص ما "يختص بالمعنى" الذي دل عليه ذلك النص "على التفصيل" البين فإنه "يرجع" من أجل معرفة معنى ذلك النص والمراد به "لاتباع" ما جرت عليه "عادات العرب وما لها" من أعراف قد عزى "قولا" يعني في أقوالها "وقصدا" يعني وفي قصدها بتلك الأقوال، و"انتسب" لها زمان التنزيل ولا يعتد بما خالف ذلك وإن جرى عليه الناس في كلامهم بعد ذلك، فمعاني الألفاظ في زمان النبوة هي المعتبرة في فهم الخطاب الشرعي، "وذاك" وهو اتباع ما ذكر "مما يوضح" أي يبين ويفسر "المعاني" المتضمنة المنطوى عليها ذلك الخطاب "ويرفع الإشكال" العارض فيه بمقتضى الاحتمالات الواردة في ألفاظه، ويزيله "بالبيان" الذي يثمره، ويفيده وذلك يجري "في كل ما جاء" في الكتاب العزيز "من الآيات" البينات "ومقتضاه" أي معناه ومدلوله "مفهم" ومبين "الجهات" الفقهية التي يدل منها على الأحكام الفقهية التي يدل عليها، فإنه يصار في فهم معناه إلى ما تقدم ذكره من اتباع عادات العرب. ومن ذلك قوله - تعالى -: {رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا}(١) فإنه نقل عن أبي يوسف: أن ذلك في الشرك، لأنهم كانوا حديثي عهد بالكفر، فيريد أحدهم التوحيد، فيهم ويخطئ بالكفر، فعفا لهم عن ذلك، كما عفا لهم عن النطق بالكفر عند الإكراه.
قال: فهذا على الشرك، ليس على الأيمان في الطلاق والعتاق، والبيع، والشراء، لم تكن الأيمان بالطلاق والعتاق في زمانهم.