للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:
مسار الصفحة الحالية:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

معذور في أحكام الفروع بإطلاق وأن الله سيبعث نبيا من العجم بكتاب ينزله الله عليه جملة واحدة ويترك شريعة محمد وأن المكلف قد يكون مطيعا بفعل الطاعة غير قاصد بها وجه الله وإنكارهم سورة يوسف من القرآن وأشباه ذلك وكلها مخالفة لكليات شرعية أصلية أو عملية. ولكن الغالب في هذه الفرق أن يشار إلى أوصافهم ليحذر منها ويبقى الأمر في تعيينهم مرجى كما فهمنا من الشريعة ولعل عدم تعيينهم هو الأولى الذي ينبغي أن يلتزم ليكون سترا على الأمة كما سترت عليهم قبائحهم فلم يفضحوا في الدنيا بها في الحكم الغالب العام وأمرنا بالستر على المذنبين ما لم يبد لنا صفحة الخلاف ليس كما ذكر عن بني إسرائيل أنهم كانوا إذا أذنب أحدهم ذنبا أصبح وعلى بابه معصيته مكتوبة وكذلك في شأن قرابينهم فإنهم كانوا إذا قربوها أكلت النار المقبول منها وتركت غير المقبول وفي ذلك افتضاح المذنب إلى ما أشبه ذلك فكثير من هذه الأشياء خصت بها هذه الأمة. وقد قالت طائفة إن من الحكمة في تأخير هذه الأمة عن سائر الأمم أن تكون ذنوبهم مستورة عن غيرهم فلا يطلع عليها كما اطلعوا هم على ذنوب غيرهم ممن سلف وللستر حكمة أيضا وهي أنها لو أظهرت مع أن أصحابها من الأمة لكان في ذلك داع إلى الفرقة والوحشة وعدم الألفة التى أمر الله بها ورسوله حيث قال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} وقال: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ} وقال: {وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (٣١) مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} [الرُّوم: ٣١، ٣٢] وفي الحديث: "لا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تباغضوا وكونوا عباد الله إخوانا" وأمر عليه الصلاة والسلام بإصلاح ذات البين وأخبر أن فساد ذات البين هي الحالقة وأنها تحلق الدين. والشريعة طافحة بهذا المعنى ويكفي فيه ما ذكره المحدثون في كتاب البر والصلة وقد جاء في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} [الأنعام: ١٥٩] الآية أنه روى عن عائشة وأبي هريرة وهذا حديث عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا عائشة إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا من هم؟ قلت الله ورسوله أعلم قال هم أصحاب الأهواء وأصحاب البدع وأصحاب الضلالة من هذه الأمة يا عائشة إن لكل ذنب توبة ما خلا أصحاب الأهواء والبدع ليس لهم توبة وأنا منهم بري وهم مني برءآء". فإذا كان من مقتضى العادة أن التعريف بهم على التعيين يورث العداوة والفرقة وترك المؤالفة لزم من ذلك أن يكون منهيا عنه إلا أن تكون البدعة

<<  <  ج: ص:  >  >>