للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

الأعمال وذلك غير صحيح لما تقدم من أن التكاليف لمصالح العباد ولا مصلحة تتوقع مطلقا مع إمكان وقوع مفسدة توازيها أو تزيد، وأيضا فإن ذلك يؤدي إلى أن لا نتطلب مصلحة بفعل مشروع ولا نتوقع مفسدة بفعل ممنوع وهو خلاف وضع الشريعة كما سبق (١) ثم إن التكاليف - كما تقدم - مشروعة لمصالح العباد، إما دنيوية، وإما أخروية، أما الأخروية فراجعة إلى مآل المكلف في الآخرة ليكون من أهل النعيم لا من أهل الجحيم وأما الدنيوية فإن الأعمال إذا تأملتها مقدمات لنتائج المصالح فإنها أسباب لمسببات هي مقصودة للشارع والمسببات هي مئالات الأسباب فاعتبارها في جريان الأسباب مطلوب وهو معنى النظر في المآلات (٢) "و" ثالثها ما ورد "من أدلة الكتاب" العزيز على ذلك "و" كذلك ما ورد من "الخبر" النبوي دالا عليه، ومن ذلك قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ٢١] وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: ١٨٣] وقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ} [البقرة: ١٨٨] الآية وقوله: {وَلَا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ} الآية وقوله {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ} الآية وقوله: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ} [البقرة: ٢١٦] الآية وقوله: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] وهذا مما فيه اعتبار المآل على الجملة وأما في المسألة على الخصوص فكثير، فقد قال في الحديث حين أشير عليه بقتل من ظهر نفاقه أخاف أن يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه وقوله لولا قومك حديث عهد بكفر لأسست البيت على قواعد إبراهيم بمقتضى هذا أفتى مالك الأمير حين أراد أن يرد البيت على قواعد إبراهيم فقال له لا تفعل لئلا يتلاعب الناس ببيت الله هذا معنى الكلام دون لفظه وفي حديث الأعرابي الذي بال في المسجد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتركه حتى يتم بوله وقال: "لا تزرموه" وحديث النهي عن التشديد على النفس في العبادة خوفا من الانقطاع وجميع ما مر في تحقيق المناط الخاص مما فيه هذا المعنى حيث يكون العمل في الأصل مشروعا لكن ينهى عنه لما يؤول إليه من المفسدة أو ممنوعا لكن يترك النهي عنه لما في ذلك من المصلحة وكذلك الأدلة الدالة على سد الذرائع كلها، فإن غالبها سماح تذرع بفعل جائز إلى عمل غير جائز فالأصل على المشروعية لكن مآله غير


(١) الموافقات ٤/ ١٤٢.
(٢) الموافقات ٤/ ١٤١.

<<  <  ج: ص:  >  >>