- وقد تقدم ذكر هذا الدليل - "و" بناء على هذا يكون "نقل قوله" أي قول هذا المخالف المتبع للهوى "لـ" أجل "أن يبينا" - الألف للإطلاق - ويوضح للناس "فساده" وبطلانه متى "ما تعينا" - الألف للإطلاق - ذلك ووجب، وإنما وجب أن لا يعتد بما كان على هذا الوجه من الخلاف، لأنه إذا اتبع الهوى أدى إلى اتباع المتشابه حرصا على الغلبة والظهور بإقامة العذر في الخلاف، وأدى إلى الفرقة والتقاطع والعداوة والبغضاء لاختلاف الأهواء وعدم اتفاقها وإنما جاء الشرع بحسم مادة الهوى بإطلاق وإذا صار الهوى بعض مقدمات الدليل لم ينتج إلا ما فيه اتباع الهوى وذلك مخالفة الشرع ومخالفة الشرع ليست من الشرع في شيء فاتباع الهوى من حيث يظن أنه اتباع للشرع ضلال في الشرع ولذلك سميت البدع ضلالات وجاء أن كل بدعة ضلالة لأن صاحبها مخطئ من حيث توهم أنه مصيب ودخول الأهواء في الأعمال خفي فأقوال أهل الأهواء غير معتد بها في الخلاف المقرر في الشرع فلا خلاف حينئذ في مسائل الشرع من هذه الجهة فإن قيل هذا مشكل فإن العلماء قد اعتدوا بها في الخلاف الشرعي ونقلوا أقوالهم في علمي الأصول وفرعوا عليها الفروع واعتبروهم في الإجماع وهذا هو الاعتداد بأقوالهم فالجواب من وجهين أحدهما أنا لا نسلم أنهم اعتدوا بها بل إنما أتوا بها ليردوها ويبينوا فسادها كما أتوا بأقوال اليهود والنصارى وغيرهم ليوضحوا ما فيها وذلك في علمي الأصول معا بين وما يتفرع عليها مبنى عليها والثاني إذا سلم اعتدادهم بها فمن جهة أنهم غير متبعين للهوى بإطلاق وإنما المتبع للهوى على الإطلاق من لم يصدق بالشريعة رأسا وأما من صدق بها وبلغ فيها مبلغا يظن به أنه غير متبع إلا مقتضى الدليل يصير إلى حيث أصاره فمثله لا يقال فيه إنه متبع للهوى مطلقا بل هو متبع للشرع ولكن بحيث يزاحمه الهوى في مطالبه من جهة اتباع المتشابه فشارك أهل الهوى في دخول الهوى في نحلته وشارك أهل الحق في أنه لا يقبل إلا ما عليه دليل على الجملة وأيضا فقد ظهر منهم اتحاد القصد على الجملة مع أهل الحق في مطلب واحد وهو أتباع الشريعة وأشد مسائل الخلاف مثلا مسألة إثبات الصفات حيث نفاها من نفاها فإنا إذا نظرنا إلى الفريقين وجدنا كل فريق حائما حول حمى التنزيه ونفي النقائص وسمات الحدوث وهو مطلوب الأدلة فاختلافهم في الطريق قد لا يخل بهذا القصد في الطرفين معا وهكذا إذا اعتبرت سائر المسائل الأصولية وإلى هذا فإن منها ما