" و" أما القرآن "المدني" النازل بالمدينة وما فيه حكمه فإن "شأنه" هو "التكميل" لمقتضى هذه الأصول المكية "والشرح والبيان" لما طلب بيانه وشرحه من ذلك "والتفصيل" بإيضاح لما هو مجمل منه. وبذلك كان الحكم المدلول عليه بالقرءان المدني في الغالب "أكثره آت" ووارد "لجزء ثابت" وواقعة معينة كالرخص الواردة في أمور محددة، وإنما حصل هذا التعقيد والتعيين في الأحكام "ومع" وجود "أسباب" حادثة اقتضت ذلك "وفي حالات" لم تكن فيما تقدم من بعض المنازعات والمشاحات والرخص والتخفيفات. ومع هذا استمر العمل بمقتضى ذلك الإطلاق في الأخذ بالمشروعات الذي مضى تقرير حكمه أولا فلم يترك الصحابة والتابعون هذا الأمر وبذلك كانوا مثابرين على مجانبة المنكرات والفواحش على مراتبها في الفتح، وعلى التلبيس بالمحاسن، فكانوا آخذين فيها بأقصى مجهودهم وعاملين على مقتضاها بغاية موجودهم إلا أنه بعد ما فتحت البلدان وانتشر الإسلام في أصقاع الأرض طلب الضبط والتعيين للأحكام الشرعية على وجه تفصيلي تنهار به الحقوق والواجبات والممنوعات والمباحات بعضها عن بعض بدرجتها المختلفة بوجه تام "فوقع التحديد" والتعيين "لـ" هذه "الأحكام" بالتفصيل عملا بالأحكام الواردة في القرآن المدني المفصلة وبالاجتهاد في ما لا نص فيه "عند" وقوع هذا الأمر المذكور، وهو "اتساع خطة الإسلام" وإيالته - ما يجري حكم الإسلام عليه ويدار من أهله - "و" هذا الاتساع إنما كان عنه هذا التجديد لأنه نشأ عنه حصول "طلب العباد للحظوظ" النفسية الدنيوية "في جملة ما" كان "لهم من التصرف" والعمل المتجلي في وقوع مشاحات في المعاملات ومطالبات بأقصى ما يحق لهم في مقطع الحق، وكذلك عروض خصوصيات ضرورات تقتضي أحكاما خاصة، وبدو فلتات من بعضهم في مخالفة المشروعات، وارتكاب الممنوعات، مما احتاجوا عنده إلى الحدود تقتضيها تلك العوارض الطارئة، ومشروعات تكمل لهم تلك المقدمات وتقييدات تفصل لهم بين الواجبات والمندوبات والمحرمات والمكروهات إذ كان أكثرها