"فما" من تلك المشروعات "لكلياته" تلك "قد انتما" فاندرج تحتها فإنه "يشارك الجمهور فيه" يعنى في العلم به وإدراكه "العلماء" لأن مأخذه العقول الراجحة ومحاسن العادات.
"و" أما ما كان منه "بجزء ثابت" واحد "قد" جرى و"استقر" فإنه لا مجال للجمهور في شأن العلم به وإنما "يختص أهل العلم" الشرعي - الفقهاء - "فيه بالنظر" وبناء الحكم فيه على الوجه المبين في أصول الفقه.
ولذلك عنى الفقهاء بتقرير الحدود والأحكام الجزئيات التي هي مظان التنازع والمشاحة والأخذ بالحظوظ الخاصة، والعمل بمقتضى الطوارئ العارضة وكأنهم واقفون للناس في اجتهادهم على خط الفصل بين ما أحل الله وما حرم، حتى لا يتجاوزوا ما أحل الله إلى ما حرم فهم يحققون للناس مناط هذه الأحكام بحسب الوقائع الخاصة حين صار التشاح ربما إلى مقاربة الحد الفاصل فهم يزعونهم عن مداخلة الحمى وإذا زل أحدهم يبين له الطريق الموصل إلى الخروج عن ذلك في كل جزئية آخذين بحجزهم تارة بالشدة وتارة باللين فهذا النمط هو كان مجال اجتهاد الفقهاء وإياه تحروا، وأما سوى ذلك مما هو من أصول مكارم الأخلاق فعلا وتركا فلم يفصلوا القول فيه لأنه غير محتاج إلى التفصيل بل الإنسان في أكثر الأمر يستقل بإدراك العمل فيه فوكلوه إلى اختيار المكلف واجتهاده إذ كيف ما فعل فهو جار على موافقة أمر الشارع ونهيه وقد تشتبه فيه أمور ولكن بحسب قربها من الحد الفاصل فتكلم الفقهاء عليها من تلك الجهة فهو من القسم الأول فعلى هذا كل من كان بعده من ذلك الحد أكثر كان إعراقه في مقتضى الأصول الكلية أكثر وإذا نظرت إلى أوصاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله تبين لك فرق ما بين القسمين وبون ما بين المنزلتين وكذلك ما يؤثر من شيم الصحابة واتصافهم بمقتضى تلك الأصول وعلى هذا القسم عول من شهر من أهل التصوف وبذلك سادوا غيرهم ممن لم يبلغ مبالغهم في الاتصاف بأوصاف الرسول وأصحابه وأما غيرهم ممن حاز من الدنيا نصيبا فافتقر إلى النظر في