والذي اصطفى موسى على العالمين، إلى أن قال عليه الصلاة والسلام:(لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون فأكون أول من يفيق فإذا موسى آخذ بجانب العرش. فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق أو كان ممن استثنى الله) وفي رواية (لا تفضلوا بين الأنبياء فإنه ينفخ في الصور) الحديث، فهذا نفي للتفضيل مستند إلى دليل وهو دليل على صحة التفضيل في الجملة إذا كان ثم مرجح، وقال:(كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران. وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام) وقال للذي قال له يا خير البرية (ذاك إبراهيم) وقال في الحديث الآخر (أنا سيد ولد آدم) وأشباهه مما يدل على تفضيله على سائر الخلق. وليس النظر هنا في وجه التعارض بين الحديثين وإنما النظر في صحة التفضيل ومساغ الترجيح على الجملة، وهو ثابت من الحديثين. وقال:(خير القرون قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) وقال عمر: كنا نخير بين الناس في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فنخير أبا بكر ثم عمر ثم عثمان. وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة وهم عبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحرث بن هشام (إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم) ففعلوا ذلك. وقال:(خير دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الله الأشهل ثم بنو الحرث بن الخزرج ثم بنو ساعدة وفي كل دور الأنصار خير) وقال: أرحم أمتي بأمتي أبو بكر وأشدهم في الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأفرضهم زيد بن ثابت، وأقرؤهم أبي بن كعب، ولكل أمة أمين، وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، وقال عبد الرحمن بن يزيد: سألنا حذيفة عن رجل قريب السمت والهدى من النبي صلى الله عليه وسلم حتى نأخذ عنه فقال: ما أعرف أحد أقرب سمتا وهديا ودلا بالنبي صلى الله عليه وسلم من ابن أم عبد. ولما حضر معاذا الوفاة قيل له: يا أبا عبد الرحمن أوصنا قال: أجلسوني قال: إن العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، يقول ذلك ثلاث مرات، والتمسوا العلم عند أربعة رهط. عند عويمر أبي الدرداء وعند سلمان الفارسي وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام الحديث وقال عليه الصلاة والسلام:(اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر) وما جاء في الترجيح والتفضيل كثير لأجل ما ينبني عليه من شعائر الدين وجميعه ليس فيه إشارة إلى تنقيص المرجوح، وإذا كان كذلك فهو القانون اللازم