للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٢٨١٥ - وَسُرْعَةُ الرُّجُوعِ لِلْحَقِّ إِذَا … صَحَّ وَتَرْكُ مَا يَرَاهُ مَأْخَذَا

٢٨١٦ - وَقِلَّةُ الْكَلَامِ وَالإِقْرَارُ … بِخَطَإٍ إِنْ كَانَ لَا الإِصْرَارُ

في كذا. فقال: إني لأحدث في كذا، وكذا حديثا ما أظهرتها بالمدينة، وقيل له عند ابن عيينة أحاديث ليست عندك فقال أنا أحدث الناس بكل ما سمعت؟ إني إذا أحمق. وفي رواية: إني أريد أن أضلهم إذا. ولقد خرجت مني أحاديث لوددت أني ضربت بكل حديث منها سوطا ولم أحدث بها، وإن كنت أجزع الناس من السياط، ولما مات وجد في تركته حديث كثير جدا لم يحدث بشيء منه في حياته وكان إذا قيل له: "ليس هذا الحديث عند غيرك" تركه. وإن قيل له: "هذا ما يحتج به أهل البدع" تركه وقيل له: إن فلانا يحدث بغرائب. فقال: من الغريب نفر. وكان إذا شك في الحديث طرحه كله وقال إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا رأيي فكل ما وافق الكتاب والسنة فخذوا به، وكل ما لم يوافق ذلك فاتركوه. وقال ليس كل ما قال الرجل وإن كان فاضلا يتبع ويجعل سنة ويذهب به إلى الأمصار قال الله تعالى: {فَبَشِّرْ عِبَادِ (١٧) الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْل} [الزُّمَر: ١٧ - ١٨] (١).

"و" كذلك من تلك الأوصاف "سرعة الرجوع للحق" والصواب "إذا" ظهر له و"صح" عنده بما يقتضيه "وترك ما يراه مأخذا" ودليلا على ما قال به أول الأمر.

"و" منها - أيضا -: "قلة الكلام والإقرار" أي الاعتراف "بـ" كل "خطإ" في الأقوال والأفعال، "إن كان" قد صدر عنه فـ "لا" يستمر على "الإصرار" عليه. فقد سئل مالك مسألة أجاب فيها، ثم قال مكانه: "لا أدري" إنما هو الرأي، وأنا أخطئ، وأرجع، وكل ما أقول يكتب. قال ابن وهب سمعته يعيب كثرة الجواب من العالم حين يسأل. وقال: وسمعته عند ما يكثر عليه السؤال يكف، ويقول: حسبكم، من أكثر أخطأ، وكان يعيب كثرة ذلك. وقال يتكلم كأنه جمل مغتلم يقول هو كذا هو كذا يهدر في كل شيء، وسأله رجل عراقي عن رجل وطئ دجاجة ميتة فخرجت منها بيضة فأفقست البيضة عنده عن فرخ، أيأكله؟ فقال مالك: سل عما يكون، ودع ما لا يكون. وسأله آخر عن نحو هذا فلم يجبه فقال له: لم لا تجيبني يا أبا عبد الله؟ فقال: لو سألت عما تنتفع به أجبتك، وقيل له: إن قريشا تقول إنك لا تذكر في مجلسك آباءها وفضائلهم، فقال إنما نتكلم فيما نرجو بركته.


(١) الموافقات ٤/ ٢١١ - ٢١٢ - ٢١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>